Sep 28, 2007

عذبت من لم يصم


إنها من اللحظات النادرة التي أضطر لأن أكون شريرا فيها, وإن كان الشر في تلك اللحظات يعتبر عمل خير. لكني لم أستطع إلا أن اكون شريرا, بسبب المواقف المخزية التي حصلت أمامي ذلك اليوم. إنه الأول من رمضان لهذا العام, في العمل, الساعة العشارة صباحا قارب يوم العمل على الإنتهاء, فما بقي منه سوى القليل.

قبل رمضان, وفي أيام الإفطار, كنا نشرب القهوة طوال الوقت وكلما سنحت لنا الفرصة, وكان لدينا صندوق مشروبات غازية فارغ كنا نحتفظ فيه بكل معدات القهوة, كالسكر والمعالق والقهوة وحتى الشاي والنعناع. كان هذا الصندوق بمثابة المطبخ الصغير بالنسبة لنا, حيث كنا نلجأ اليه كلما اردنا أن نشرب القهوة, حتى أننا كنا نوزع القهوة على من هم ليسوا معنا. كنا نحافظ عليه بأمانة الى أن بدأ أول يوم من رمضان. حيث فقدت الصبر وأصبحت أخطط لأمر شرير أفعله بأولائك الذين لم يحترموا مشاعر الصائمين.

رأيت حثالة وحقارة من أناس لا يحترمون مشاعر الصائمين, وكنت لا أنشغل في التفكير بهم من المنطلق الذي يقول: ليس على المجنون حرج. ولكني هذه المرة لم أفكر بهذه الطريقة, فالذي امامي ليس مجرد حثالة, فالحثالة كلها تضيع في ثنايا اوصافه القبيحة. ذلك الشخص وإن عريته بالكلام القبيح فإني لا أستغيبه بل إني أقدم للبشرية تعريفا جديدا لحثالة من نوع آخر. فهو ومن معه ممن لم يحترم الصائمين, قررت أن أعذبهم هذا الشهر, لأنهم ببساطة حثالة ويستحقون ذلك.

فعلوا ما فعلوا, لكني فعلت ما أثار غضبهم. كانوا لا يبالون بمشاعر من صام فقمت بالتقدم خطوة. ذهبت الى إبريق الماء الذي يغلي و"بالخطأ" أوقعته وتأسفت عليه, ففرغ نصفه وبدلا من إعادته, أفرغت النصف الثاني. بعدها ذهبت الى صندوق القهوة ووقفت عليه وكأني أرقص عليه, حتى أصبح مجرد ورق وبقايا قهوة, وقمت بتخريب كل شيء خطر لي أن أخربه كي أعكر صفو مزاجهم, ومن خطوة لأخرى يساعدني فيها من إنضم لي, يزداد الصراخ ضدي وتزداد الكراهية لكن المصيبة أني كنت أمثل دور الأبله الذي يوقع الأشياء ويدوس عليها دون قصد, وكان قصدي واضحا وهو أن أعذب المفطرين. وأن أنتقم لنفسي من شخص لم يحترم صومي, وصوم غيري من الصائمين.

Sep 17, 2007

هل أنت صائم



سليم, شاب يعمل في صيانة الكهرباء, لم أكن أعلم أنه مسيحي حتى أول يوم من شهر رمضان. جاء الى العمل وشيء فضي يلمع على صدره, أمعنت النظر وإذا بي أرى صليبا على صدره. لعله شعر أنه يجب أن يوضح لنا وبشكل غير مباشر السبب في شربه للماء لاحقا ونحن الآخرون صيام. وقد نجح في لفت إنتباهنا, فقد وصلت الفكرة وعرفنا أنه لا يجوز لنا لومه إن رأيناه يشرب الماء في هذا الحر, أو يدخن أو حتى يرتشف القهوة, لأنه ليس مسلما.

في الحقيقة لم يكن وحيدا, فقد كان من ضمن مجموعتنا "المسلمين" ثلاثة لم يصوموا, واحد لا يقوى على الصوم, وانا لا أصدقه لأنه يعمل كالحمار, والثاني والثالث أعذرهما لأنهما في أيام الإفطار يبدوان كالمومياء, ورغم ذلك كله فلا مبرر لعدم الصيام. الرجل الذي لا يقوى على الصيام إختارني لأكون مساعده في العمل, وقد بدأنا نعمل في الفجر, حيث أن العمل في رمضان يبدأ من الفجر وحتى صلاة الظهر. وكنا نتحدث كثيرا بسبب الحر الشديد القاتل.

من خلال تفقده للوضع, أحس سليم نوعا من الراحة مع الذين لا يصومون, حيث كانوا يتشاركون معه بالقهوة, والماء وغير من الطعام والشراب, وظن أن الجميع لا يصومون, أو على الأقل يتظاهرون بالصوم أمامه. أنا لا ألوم سليم, ففكرته عن الصائمين كان قد أخذها من الرجل الذي لا يقوى على الصوم, وهو شخص مفسد ونمام.

بينما أقف على الأرضية وذاك الرجل الذي لا يقوى على الصيام يقف على الطابق الثاني, فقد جاء سليم يبحث عن قنينة الماء المثلجة, في ذلك اليوم الحار. وكانت بجانب ذلك الرجل الذي في الطابق الثاني, فقال له ها هي وشرب منها بعد أن سمح له سليم, وقال لماذا نقصت هكذا يبدو أن محمد قد شرب منها, إلتفت إلي سليم, وهو يهز برأسه ويضحك, وأنا أرد على ذلك الرجل الذي لا يقوى على الصيام وأقول له بأني صائم. فجأة إختفت البسمة عن وجه سليم, وسألني في حيرة من أمره, محمد .. هل أنت صائم؟!.

Sep 1, 2007

حرب في عرس


الصيف موسم حفلات الزفاف, وموسم المخاطر أيضا. في العقلية العربة فإن الزفاف علامة من علامات الرجولة, ومن قام بعمل رجولي فهو بالتالي "رجل", ويأتي هذا المفهوم ضمن الأفعار التي يقدم عليها الشباب الذين يجدون في حفلات الزفاف مناسبة لإثبات رجولاتهم المكبوتة ومشاعرهم التي تعبر عن تخلف عميق جدا دون أن يعرفوا ذلك. أتحدث عن أولائك الذين يشعرون بعقدة نقص كبيرة, ويجدون في حفلات الزفاف ذريعة لملئ الفراغ الذي أوجدته عقدهم النقصية. إنهم أولائك الذين يحملون المسدسات في الأعراس وحفلات الزفاف, يطلقون النار شمالا ويمينا دون أن يتذكروا أنهم يعرضون حياة من حولهم للخطر.

في الأعراس في السنوات الماضية حدثت مشاكل ومخاطر بسبب السلاح في "الزفات", وحضرت الشرطة الى كثير من حفلات الزفاف وقامت بتفتيشات كثيرة بسبب البلاغات التي كانت تقدم للشرطة من أطراف عديدة بسبب إطلاق النار في الأعراس. لكن ذلك لم يكفي حيث أن ولدا قد يجمع ألف دولار تقريبا, بإستطاعته شراء مسدس.

يهذه السهولة, وهو لا يساوي بصقة على الأرض, فمن يحمل السلاح في حفلات الزفاف وخصوصا في السنوات الأخيرة من حثالة البشر, وعلى ماذا يطلق النيران, للتعبير عن فرحه بالعريس, كيف لشخص متخلف وذو عقدة نقص أن يشعر بالفرحة وأن يعبر بالفرح بهذه الصورة؟!. إنه لتناقض وتخلف ونفاق, أن نشعل حربا في حفل زفاف, وأن نعرض حياة من حولنا للخطر في سبيل "التعبير" عن الفرحة.