Oct 23, 2007

لا غنى عن زلاطيمو


لا أعتقد أن محلات حلويات زلاطيمو تحتاج لدعاية, فهي في غنى عن الإعلانات. محلات زلاطيمو يأتي إليها الزبون من آخر البلاد لكي يشتري "مطبق" بالجبنة أو القشطة, وخصوصا في رمضان حيث يتوعد الصائم في فترة الصيام, وخصوصا وقت الظهيرة بأنه عند آذان المغرب سوف يقوم بأكل الكثير من الأطعمة, وفي حالة حلويات زلاطيمو, فالأمر يصبح أكثر لذة.

زلاطيمو عائلة ذات باع طويل في الحلويات, فالمهنة متوارثة أبا عن جد, منذ القرن التاسع عشر. والحقيقة ان حلوياته قمة في الروعة, لكنها مضرة لمن لديه مرض السكري, فهنا يتحول زلاطيمو الى غضب. أنا عن نفسي أحب أن أشتري من محلات زلاطيمو, بعد صلاة التراويح, لكن إن تأخرت فقد خسرت.

خسرت مرة أو مرتان وذلك لأن المحل يغلق عندما يبيع كل ما لديه ذلك اليوم. الأمر المزعج هو آخر يوم في رمضان, عندما يتوقف المحل عن صنع "المطبق" ويقوم بدل ذلك بتحضير أطباق جاهزة. فلو تعرفوه لوافقتوني أنه لا غنى عن زلاطيمو.

Oct 15, 2007

فوضى ليلة القدر


لا أعلم مدى تخلف الذين يؤمنون بيوم واحد ويكفرون باقي أيام السنة. لم يعلمنا القرآن أن نتصرف بهذه الصورة في ليلة القدر, ولو علمت أنها ستكون بهذه الفوضى لما ذهبت أصلا الى المسجد الأقصى. فوضى عارمة, تخلف, إنحطاط, عدم إحترام, خليط من الأمور القذرة والمضايقة حدث في ذلك اليوم, فكم أنت مسكينة يا ليلة القدر.

في البداية توجهنا لنركن السيارة في مكان ما. هنالك صاحب معرض سيارات, أخرج سياراته من المعرض وقام بملئ الأماكن الشاغرة خارج محله, لكي يضطر الكثيرون لدخول معرضه والدفع نقدا. ثم نزلنا الى الشارع نمشي وسط الزحام. هنالك أمر مقرف حقا, ولا أحد يستطيع أن يختلف معي به, ولو جلست أقول عنه أنه مقرف وفي قمة النفاق والأنانية, حتى العام القادم فإن أقوالي لن تكفي لوصفه, لأنه أمر مثير للإشمئزاز والقرف.

هنالك ممن لم يعرف معنى الصلاة أصلا, وجدته يحمل سجادة ويجري ويدفع بي لكي أتنحى عن الطريق, وكأن الورع دب فيه دفعة واحدة. قسما أن هنالك إمرأة طاعنة في السن "حجت" بيت الله, كانت تحثنا على عدم الإهتمام بالصلاة في الأقصى فيكفي الصلاة في المسجد في القرية, وجدتها في الأقصى وكانت هنالك منذ صلاة العصر حيث أخذت معها طعامها هناك.

الرائحة نتنة, والقمامة في كل مكان, ولو أني أخذت آلة التصوير, لما خرجت من هنالك دون ان ألتقط مئات الصور المشينة التي تدل على التخلف والإنحطاط. الفوضى تعم المكان, لا تفريق كما يجب بين الرجال والنساء, المصلون يصلون في بقاع مختلفة ولا يعلمون مثلا أن أمامهم مصليات أي أنهم يصلون خلف نساء, فلا تجوز صلاتهم. الكشافة مثل عدمهم, يتراشق المسئولين فيهم الشتائم حتى أنهم يسبون الذات الإلآهية دون أن يرف لهم جفن.

عندما وقفت لأصلي في صف معين, كان غضب العامة قد صب علي. وقفت في أول الصف وكنت "ملطشة" وكل من يمر لا بد أن يضربني بكتفه قصدا أو من دون قصد. أستغفر الله العظيم, رأيت مشاجرة بين بائعين "زعران" وبين المسئولين عن النظام من الأوقاف وقد وصل الحال لأن يدخل أحد الزعران بطاولة ليبيع الكعك بين صفوف المصلين وليس خارج ساحة المسجد, أي أنه عطل حركة المرور بالإضافة الى فتح مجال لآخرين فعلوا مثله. كما أني رأيت أناسا يوزعون الشاي بالمجان, ولم يحلوا لهم "عمل الخير" إلا وسط الزحام والناس تختنق من الزحام.

رأيت ما رأت من أمور متخلفة, فوضى. لكن أن أرى فتيات دون حجاب, إنه أمر يستحق التحدث عنه, المصيبة أني في الشارع لا أبالي, لكن في ساحة المسجد, أمام المصلين, ولم يقتصر الأمر على عدم التحجب فحسب, بل كن يلبسن بناطيلا أيضا. قمة في الإستهزاء, قمة في السخرية من المكان وحرمة المكان, قمة في التخلف, قمة في اللامبالاة وقمة في الفوضى.

ماذا لم أرى في ليلة القدر, رأيت العجب العجاب, تحول المسجد الأقصى الى ساحة تجارية. أقسم أني أعرف شخصا لم يلتفت في حياته يوما الى القبلة, رأيته يحمل سجادة ويصلي, والمصيبة أنه معروف بأنه زنوي وسكير. صدقوني, إنتابني شعور بأن أبكي في ليلة القدر, ليست لأنها خير من ألف شهر, بل لأن من كان في المسجد الأقصى تاجر بها, وتقنع بها, وإشترى بثمنها شيئا قليلا. ليلة القدر كانت مجرد فوضى عارمة. بعد يوم فقط, وكما توقعت, كنت أبحث في المسجد الأقصى عن أحد ليكمل الصف في الصلاة, أين هم, أين مئات الآلاف التي هلكتنا في الأمس, أين هم. لا شيء سوى عمال تنظيف ينظفون ما تركه المنافقون في كذبة تبنوها على أنفسهم بأنهم إذا حضروا ليلة القدر فإبمكانهم الآن العودة الى القمار, والخمور, وحث الآخرين على عدم الصلاة في الأقصى, وحتى ترك الصلاة, إنها العبثية, إنها أحط ما عرفت البشرية من شعوب, إنه النفاق في الفوضى, فوضى ليلة القدر.

Oct 5, 2007

أبو سنينة ومارثون التراويح


لست من أولائك الذين يقضون حياتهم في طرقات القدس يلعبون القمار في ازقة القدس القديمة بينما تقام الصلاة. ولست من أولائك الباعة الذين يسدون الطرقات بطاولاتهم التي يعرضون عليها بضائعهم. كل ما أريده هنا أن أصل الى الصلاة, وألا أتأخر كما حدث معي ومع كثيرون غيري. فالسبب ليس لاعبي القمار ولا بائعي البضائع, فالطريق سالكة, السبب هو, الإمام أبو سنينة.

ذات يوم أخبرني شخص ما نكته وهي سؤال عن أسرع شخص في العالم, وكان جوابها أنه شخص ما مدعو على العشاء. قفز من جانبا شخص وقال أنها إجابة خاطئة’ فأسرع شخص على الأرض هو أبو سنينة في صلاة التراويح. ربما يبالغ لكنه صادق في ما قال فأبو سنينة يفوق العدائين في مارثون الأولمبياد في سرعته وعدم الإكتراث بالمأمومين.

الفرق شاسع بين أبو سنينة وغيره من الشيوخ, لقد قمت بحساب بسيط ذات يوم, ووجدت أنه إستطاع إنهاء صلاة العشاء أي الأربع ركعات, في الوقت الذي إستغرقته للمشي منذ أن وضعت قدمي عند الباب الخارجي للساحة وحتى وصلت ساحة قبة الصخرة, حيث كنت قد دخلت من باب حطة ولمن يعرف المكان فبلا شك, سيندهش للسرعة التي أتحدث عنها.

تعود الأسباب وتختلف بإختلاف المكون للسبب. تارة أسمع أن أبو سنينة تعجل لأنه يريد أن يشاهد مسلسلا تلفزيونيا, وتارة أسمع أنه كان محشورا, أي أنه كان بحاجة ماسة للذهاب الى الحمام, وتارة أسمع أن المصلين إشتكوا من تباطئ شيخ آخر في الصلاة. إلا أني سمعت ذات يوم سببا غريبا, وهو أن أبو سنينة تلقى تحذيرا من الباعة في خارج المسجد بإنهاء الصلاة بسرعة حتى يتسنى لهم التخلص من بضائعهم في وقت مبكر. وبين السبب هذا وباقي الأسباب, يخف وزني لكثرة العدو, وتزداد فرص نجاحي في الإلتحاق بمارثون الأولمبياد القادم والفضل يعود لمدربنا الغير مباشر, الشيخ أبو سنينة.