Jul 27, 2007

يوم الإمتحان


في يوم الإمتحان يكرم المرئ أو يهان. لعلها مقولة تنطبق وبشكل خاص على إمتحان البسيخومتري, لكنها لن تشكل فرقا طالما أن الجهود اللازمة قد بذلت وطالما أن العيون قد ذبلت من السهر والدراسة. فيبقى لنا أن نتسائل فقط عن أجواء الغرفة وموقعها, لأن ذلك مهم ويؤثر على أدآء الممتحن على الأقل حسب وجهة نظري. لدي شكوك دائما بالغرفة التي سأمتحن بها, لذلك أذهب الى غرفة الإمتحان قبل الإمتحان بعدة أيام, وليس في البسيخومتري فحسب بل في كل الإمتحانات تقريبا. أذهب الى الغرفة لأجلس فيها, وأدرس شكلها, وربما هو أمر غريب عند الآخرين لكني أعتبره ذو أهمية لأن معرفة الغرفة مسبقا تطفي نوعا من الطمأنينة النفسية, وخصوصا إذا كان الحمام قريبا من الغرفة فهذا يزيد من الثقة بعدم ضياع وقت كثير إذا قرر الممتحن الذهاب الى الحمام في منتصف الإمتحان.

إستقظت فجرا لأصلي, وعدت للنوم بعد الصلاة. وإستيقظت الساعة العاشرة, وجهزت نفسي وإنطلقت الى القدس, هناك حيث ستعم الفوضى بعد قليل. أجواء الإمتحان تفرض نفسها في كل مكان, فدون أن أعلم من سيقدم على هذه المغامرة فقد عرفت الممتحنين من وجوههم, حتى في محطة الحافلة, وزاد تأكيدي على الأمر عندما سمعت البعض منهم يتحدث عن صعوبة المواد التي درسها الخ. في ساحة عامة وجدت من أعرف من طلاب أكبر سنا مني وأصغر سنا, جلسنا نتحدث عن الإمتحان وعن المتوقع فيه, وكانت لدي أكثر من ساعتان طويلتان جدا لأتحدث عن الأجواء التي أحاطتني في فترة الدراسة لهذا الإمتحان.

بينما يمر الوقت ذهبت لأشتري الماء المعدني, والشكولاتة التي لم آكل منها شيئا لنسياني أني إشتريتها. ذهبت الى الصف وبقي عشرون دقيقة, وكان الجميع قد حضر, وحانت ساعة الصفر. وزعت المراقبة أوراق الإجابات, وبدأت تقرأ نص القانون العام لإمتحانات البسيخومتري, حيث أنه يمكن لأي شخص ترك اللإمتحان والخروج دون أن يقدم إذا أحس بخطورة على صحته وما شابه من الأمور التافهة, وأخيرا أعطتنا دفاتر الإمتحان وبدأ مارثون صيفي جديد, وبدأ الصيف يلعب دوره القذر في أحلك الأوقات.

كنت قريبا من النافذة المطلة على الحديقة, والمرتفعة أربعة طوابق, وكان الهواء لا يرحمني من طيبته وحسن نيته, حيث جعلني أشعر وكأني في إحدى إعلانات المكيفات الهوائية بينما كان معظم الممتحنين في القاعة يشتكون من الحر الشديد. بين الكمي والكلامي والإنجليزي عوالم كثيرة, قلبنا الفصول وإقتربت النهاية, ونسيت الوقت ونسيت كل شيء عدا المهمة التي حضرت من أجلها. قضيت على ثلاثة لترات من الماء المعدني, -بالإضافة الى لتر ونصف في الحافلة-. كانت الأسئلة تتنوع وقد كان هنالك نوع جديد في الفصل الكلامي, لكنه ليس صعبا أبدا.

لم تعد تهمني النتيجة, هكذا فكرت وقتها, لأني أستطيع وبكل إصرار أن أدرس وبجهد كبير جدا, فالتجربة الأخيرة علمتني أن لا شيء صعب طالما تحلينا بالصبر والكفاح. عندما خرجت من القاعة كنت منهكا تماما, كنت لا أقوى على حمل الحقيبة, وكذلك كان كل من في القاعة. أصبح الوقت متأخرا. ركبت في الحافلة الأقرب وعدت للبيت ورأسي كأنه كرة سلة, أو كرة قدم تعبت وإنهمكت بعد لعبة نهائية قوية. ونمت في سكوت تام. كان هذا يوما صعبا ومرهقا للأعصاب, إلا أنه بحمد الله مر بسلام وسلاسة.

Jul 7, 2007

موال البسيخومتري


هذا الموال, جاء نتيجة للسهر الذي تسبب فيه إمتحان البسيخومتري, ولمن يعرف ما هو الإمتحان فإن الموال سيكون مفهوما مئة بالمئة, لأن به مصطلحات لا يعرفها سوى من عرف البسيخومتري. لا أعرف السبب في أني كتبت الموال بلهجة مصرية, ربما لأن اللهجة المصرية أقرب لهجة للمواويل التعبيرية.
بدرس بسيخومتري
ومش حاسس في الوقت بيجري
بدرس بسيخومتري
عارفه وكل فكري
أحل أسئلة
وأصعب مسألة
فطل ومفطلة
ومنطق بيهري
***
درست إمبارح وحأدرس بكرة
وكل دقيقة بتعلم فكرة
أسئلة جنان وأسئلة خطرة
أشكال رباعية ونسب مئوية
محور أعداد ومسائل حرفية
معدلات في الجبر ونسب وهندسة
حاجات نسيتها أيام المدرسة
لأ والمنطق .. ممكن ومضمون
بيجنن العاقل ويعق المجنون
إستبدال حروف وإكمال جمل
بالراحة عليا هو انا جمل
***
والإنجليزي يا عيني عالإنجليزي
أقلهم ده صعب
يقولوا تيك إت إيزي
الاقيها من ده ولا من مين
كل اللي عايزة سبع مية وخمسين
حدرس أنا قربت للسبعمية
أصلها متجيش والناس نايمين.

Jul 1, 2007

فلسفة البسيخومتري


لمن لا يعرف البسيخومتري, فهو إمتحان قبول الجامعات, ويسمى بالعربية "السيكومتري" إلا أن إسمه المتداول هو البسيخومتري وهي الكلمة العبرية للإمتحان ذاته. السيكومتري عبارة عن إمتحان ينقسم الى ثمانية أقسام تندمج فيها ثلاثة أنواع من الفصول, الفصل الكمي, والذي يحتوي على مسائل في الرياضيات والهندسة والجبر ومسائل كلامية في الرياضيات. وهناك الفصل الإنجليزي, والذي يحتوي على اسئلة تحليل نصي, وإعادة صياغة, وإكمال الجمل. أما الفصل المتبقي فهو الفصل الكلامي, والذي يحتوي على أسئلة في المنطق, والتحليل النصي, والقواعد ومسائل كلامية معقدة.

البسيخومتري يختلف بين النسخة العربية وبين النسخ الأخرى كالعبرية والإنجليزية والروسية والفرنسية أيضا, وجوهر الإختلاف هو الفصل الكلامي. أما بالنسبة للفصل الكمي والإنجليزي فلا فرق تقريبا, فالمشكلة في الفصل الكلامي أن اللغة العربية لغة صعبة جدا, وخصوصا عندما يقف الممتحن أمام كم هائل من المعاني والتعابير التي عليه أن يتقنها, وهنا تأتي وظيفة الثروة اللغوية. في الإمتحانات التي تقدم بلغات غير العربية, نجد أن الممتحنين لا يجدون صعوبة في القسم الكلامي, بالمقارنة مع من يقدم الإمتحان باللغة العربية, وكثيرون من غير العرب أخبروني أن اللغة العربية هي كجدار يصعب تسلقه خصوصا في البسيخومتري.

المشكلة في الإمتحان لا تكمن في نوع الأسئلة فحسب, بل الهدف من الإمتحان هو ضغط الطالب في وقت معين وفحص قدرته على تحمل الضغط وحل الأسئلة في وقت معين. ينقسم الإمتحان الى ثمانية أقسام, ومن الصعب الجزم كم فصلا كلاميا سيكون وكم فصلا كميا سيكون وكم فصلا إنجليزيا سيكون. وبالرغم من كونه ثمانية فصول إلا أن فصلان منهم لا يحتسبان, ويعدان من أجل الإحصاءات وغيرها من الأمور المشابه. وكل فصل مقدر بوقت معين وهو خمس وعشرون دقيقة, أي أن الإمتحان كله مئتان دقيقة, لا إستراحة فيه ولا إستفسار. لكل سؤال أربعة إجابات بالطريقة الأمريكية, ومن لم يعرف الإجابة على سؤال ما يمكنه تخمين الإجابة وأحيانا تكون هذه الطريقة ذو فائدة.

من حسنات البسيخومتري, أن الطالب يمكنه الرجوع الى الإمتحان كل ستة شهور, رغم أن الإمتحان يقام كل ثلاثة شهور تقريبا, إلا أن القوانين تنص على هذا الفارق الزمني المقدر بستة شهور. ومن حسناته أيضا أن الأسئلة يتم فحصها عن طريق الليزر, وليس عن طريق العنصر البشري, حيث أن الممتحن عليه ان يلتزم بإحضار قلم رصاص من نوع معين, وذلك لكي يقرأ الليزر لون القلم. من السيئات التي نراها في البسيخومتري, مكان الإمتحان وظروف الغرفة, فكثيرون من الطلاب يجرون تدريباتهم وإستعداداتهم على طاولة, لكنهم يفاجئون عندما يجدون أنفسهم في قاعة كلها كراس ذو "طويلة" صغيرة ملصقة بالكرسي, فيحتارون ماذا يضعون عليها, الأقلام أم الطعام أم الإمتحان.

المراقبة شديدة وصارمة, والمستحيل يندرج في أولويات كل طالب يفكر في الغش, فلا مجال للغش, لأن كل طالب يحصل على نموذج مختلف عن ذاك الذي بجانبه. والمراقبون لا يتحدثون أبدا, وكل سؤال يوجه إليهم يردون بأن المركز القطري للإمتحانات مستعد لتقبل أي سؤال لكن بعد الإمتحان. أي أن تلك التساؤلات والتشويشات والأمور التي تجول ببال الطالب لا مكان لها في البسيخومتري. بعد الإمتحان ممنوع ان نأخذ دفتر الأسئلة, وبالمناسبة فهذا أمر ممنوع, ومن يمسك وهو متلبس في نقل أسئلة أو حتى تمزيق ورقة من دفتر الإمتحان فيتم شطبه من المركز القطري, ويتم تغريمه ماليا والأكثر من ذلك يتم حرمانه من التعليم العالي في كل الجامعات ولسنوات, فلا مجال للمراهنة. لكن مع كل هذه التشديدات فإن هنالك من يسعون للدخول للإمتحان فقط من أجل الحصول على الأسئلة وهم نوعية معينة, ليسوا بطلاب وإنما بمرشدي بسيخومتري, لكنهم يتبعون طريقة مميزة, وهي الدخول بعدد الفصول. أي أنهم يدخلون ثمانية مرشدين للإمتحان وكل واحد مسئول عن فصل معين, وكل ما يفعلونه هو دراسة الأسئلة وحفظها عن ظهر قلب. ولا حاجة ليحلوا بشكل طبيعي فهم يمتلكون أعلى العلامات.

تقاس علامات البسيخومتري حسب كل فصل من الأنواع الثلاثة الكمي والكلامي والإنجليزي, ويتم حسبان العلامة من 200 الى 800 فمن لم يحل شيئا فإنه بشكل تلقائي يحصل على 200, ومن يحصل على 700 فما فوق, فإنه وبلا شك قد بذل جهدا جبارا للحصول على مثل هذه العلامة. البسيخومتري سباق ومراثون, ويحتاج كما هائلا من الجهد والصبر لكي يتم بصورة جيدة. هنالك الدورات المختصة, والتي توزع الكتب, وطرق الحل لكن المهمة الكبيرة تبقى في عنق الممتحن نفسه.