Dec 21, 2006

رجبي حمزة إعلان على حائط


رجبي حمزة, أو بالأحرة حمزة الرجبي. فبالعبرية يكتب اسم العائلة قبل الاسم الشخصي. السبب لتذكري هذا الاسم هو اني رايته اعلان وفاة معلق على حائط الاعلانات في الجامعة, ولم يكن اعلانا تجاريا بل كان نعيا لوفاة ذلك الشخص الذي كان يعمل في التنظيف في الجامعة اثناء دوامه. ورغم انه قضى سنواته الأخيرة يعمل ككناس في القاعات الا ان اسمه علق ولمع كما تلمع اسماء العلماء الذين يلقون حتفهم في مختبراتهم.

تابعت تفاصيل الحدث من خلال النشرات التي قرأتها في مجلات تصدر في الجامعة بالاضافة لأخبار الانترنت, حيث بدأت القصة عندما تفاجئت طالبة وزميلتها التان كانتا قد سبقتا باقي الطلاب الى القاعة لتلقي احدى المحاضرات. كان الحظ عسيرا حيث ان احد الطلاب كان ممن تعلم الاسعاف الاولي, وقد نودي الى المكان على الفور الا انه فشل في احياء حمزة. ومات داخل القاعة بين صفوف الكراسي على الارض وبالقرب منه مكنسته التي حملها سنوات.

لم تكن الحادثة بنظر لجنة الطلاب في الجامعة مجرد حادث موت في العمل فحسب, بل أخذوا يوزعون التهم على الشركة المسؤولة عن التنظيف وعن العمال, حيث ان ساعات العمل الطويلة, ارهقت ذلك الشخص الذي كان طاعنا في السن. اللجنة خرجت في مظاهرة طلابية سلمية تعبيرا منهم عن استيائهم لاستغلال الأيدي العاملة الرخيصة بهذا الشكل.

لاحقا اعلنت الشركة المسئولة عن اعادة النظر في سياستها, وقد بدأت في قطع وعود بان كل عامل يتبع لها سيعامل وفق المنطق ووفق القانون, وسيتم تعويض اي شخص قد تضرر في الماضي. ولكن حدث هذا بعد ان توفي حمزة الرجبي, فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

Dec 11, 2006

ميخال المعلمة والطعنة المؤلمة


نهاية السنة التحضيرية, او بالاحرى بداية الامتحانات. ميخائيل معلمة التحليل النصي, كانت عنصرية وقاسية. كان اخر يوم تعليم يبدأ في صف ميخائيل, قبل الحصة وجدت نفسي امر بجانب دكان للهاديا, ففكرت في تلك المعلمة والتي ربما ستكون مفتاحا لحل مشكلتي المتعلقة ببحثي الذي اريد ان يكون موسعا لكي احصد علامات اخرى. ولكني استمريت في المشي الى ان وصلت الى الصف, لم تكن حصة عادية بل كانت مجرد حفلة لشرب الكولا وتناول المعجنات.

لم يشغل بالي سوى تلك اللحظة التي اتوجه بها الى ميخائيل طالبا منها ان تكتب لي بضعة سطور تدعمني فيها من اجل اخذها الى المديرة لتمنحني حقي في ن اقدم بحثا موسعا –وعلى الرغم من اني قدمت بحثا موسعا الا انه حسب كبحث عادي- وبالفعل عندما انتهت الحصة توجهت الى ميخائيل طالبا منها ان تكتب لي تلك السطور, فتفاجئت بانها تنكر اني كنت من المثابرين في حصتها. كبت غضبي الذي كاد ان يوقعني في جريمة حمقاء لولا تدخل المنطق في اللحظة الاخيرة, وخرجت من الصف اضغط بأسناني على بعهضا البعض.

في الحصة التي بعدها كنت انا وبعض الطلاب قد توجهنا الى بيت معلمة الانجليزي حيث ارادت ان نقضي الحصة الاخيرة في بيتها, خلال الحديث عن المرحلة القادمة تناولت موضوعي حول عدم اعطائي الحق في تقديم بحث مطول, واستشهد بأني أحضرت الكثير من المراجع باللغة الانجليزية وحينها كانت معلمة الانجليزي قد أدركت سبب احرازي نتيجة جيدة في اخر امتحان. وقتها طلبت منها ذات السطور التي طلبتها من ميخائيل الا ان الفرق هنا ينقسم لنوعان الاول ان تاثير ميخائيل اكبر وذلك لانها المعلمة المسؤولة عن البحث لان البحث ايضا يقدم صورة عن التحليل النصي لكل طالب وقدرته على التعامل مع النصوص العبرية, السبب الثاني ان معلمة الانجليزي "رونا" قبلت طلبي ووقعته بخط يدها وطلبت مني ان ابلغ المديرة للإتصال بها هاتفيا لإبلاغها اني اصبحت مجتهدا.

اخذت ما امكنني من القوة النفسية ودخلت الى المديرة, لكن شيئا لم يتغير. بعد ايام كنت اروي لأحد الزملاء الذين تعلموا معي في صف ميخائيل وهو "ناحيميا" اثيوبي الاصل, حدثته عن قصة حدثت معي وتدل على العنصرية وهي اني ذات يوم توجهت لميخائيل ان تمتحنني مرة اخرى باحدى الامتحانات التي لم اتمكن من الحضور اليها فرفضت وقالت ان سيحسب لي صفرا, كان خلفي "اليكس" وهو غربي المنشأ أشقر وليس عربيا, يعاني ذات المشكلة الا ان رد ميخائيل له كان اخر فقد قالت له بالحرف الواحد انه ليس في حاجة لكي يمتحن من جديد فعلاماتك يا "اليكس" ستحسب وكانك حصلت في الامتحان الذي لم تقدمه مئة.

لم استغرب من "ناحيميا" عندما حللها على الفور وقال لي: يا للعاهرة. بل شعرت براحة نفسية عندما اخذ يحدثني عن عنصريتها اللامتناهية تلك. ميخائيل وان كانت كلمة عاهرة قلة ادب فقد فقدت الكلمة شرفها لإلتصاقها بتلك العاهرة.

Dec 1, 2006

بن لادن ردني عن الإسلام


كم ساذج انت يا ابراهيم, جملة قد صرحت بها الى شخص يدعى ابراهيم فخري, هو من ابناء جيراننا في الحارة, ابراهيم يكبرني سنا, وعلى الرغم من ذلك فلم اتفاجئ عندما وجهت له تلك الكلمات. كانت تلك الجملة تعبيرا مني عن سذاجته حقا, فقد ازال عن جبيني عبارة الاسلام وعراني تماما عن الصحة والاسوأ من ذلك انه ردني عن الإسلام بسبب أسامة ابن لادن.

ابراهيم من اؤلائك الأشخاص الذين يحبون التباهي بأعمال المقاومة في العراق, فيرى فيها اسلوبا جديدا ونوعا اخر من المقاومة التقليدية, فلقد أحب ابراهيم رؤية التفجيرات تلك وأحب رؤية الدبابات تحترق ومدرعات الأمريكان تأكلها النيران, وأحب رؤية الجحيم الأعظم يلتهم الغزاة عن بكرة أبيهم. وفي الواقع فان وجهة نظره تحمل في طياتها بعض الحكمة والواقع الغير مصرح به من قبل كل عربي وكل مسلم. فليس عيبا ان نخفي فرحنا عندما نرى ان مركبة للعدو تحرق. وان جنديا غازيا محتلا لبلاد الرافدين يقتل.

كغيره من الساذجين, يعتبر ابراهيم ان المقاومة في العراق قامت على ما يسمى بتنظيم القاعدة, ذلك التنظيم الذي لا يزال يخدع الكثيرين باكاذيبه وبتخلف قيادييه. لكن الحقيقة ان المقاومة العراقية قامت في الاصل من ابناء العراق انفسهم سنة وشيعة واكراد, فالاحتلا غير مرغوب بغض النظر عن الاختلاف الديني والمذهبي والعقائدي, الا ان السذاجة أكلت عقول الكثيرين ومنهم ابراهيم.

انا لا اؤمن ولن أصدق ان ابن لادن يحب المسلمين, فهو ليس بمقاوم, بن لادن من وجهة نظري كما يراه غيري ملايين, مجرد مجرم عميل ويلعب على اكثر من حبل سياسي. هذه الجلمة لم تعجب ابراهيم الذي توجه الي مستغربا ومتساءلا عن بداية الفترة التي ارتددت فيها عن الاسلام, المصيبة هي ان ابراهيم حينها لم يكن يصلي بعد ولا يجيد قراءة الفاتحة كما يجب, لكن الله تعالى هداه لاحقا.

لم اسغرب كثيرا من هذا الرد لكني واجهته بالرد الذي ذكرته سابقا وهو السذاجة, وبالاضافة الى ذلك ضحكت كثيرا, لم اعرف حينها لماذا ضحكت, هل بسبب سذاجة ابراهيم ام بسبب حقيقة بن لادن في عقول متاكلة ومعفنة ام بسبب اني خرجت عن الاسلام لاني لم اؤمن ببن لادن, لكني ضحكت وافضل الضحك في مواقف كهذه لان خير البلية ما يضحك, المعذرة لكن كم أنت ساذج يا ابراهيم.

Nov 21, 2006

عرفت مدير مصنع الطائرات


ليس منبع فخر ان اعرف مدير مصنع محركات الطائرات النفاثة واحد المؤسسين للمصنع الذي يختص ايضا في صناعة صواريخ باتريوت المضادة للصوارخ. وليست مجرد ايام عادية عرفت فيها شخصا لم يعرفني من قريب وانما عرف ذلك العامل الذي ياتي الى الورشة ليساعد البنائين في بناء اسوار الطوب العالية.

صيف عام 2005 عملت كعامل في البناء ليس اكثر في مصنع لمحركات الطائرات في المنطقة الصناعية في "بيت الشمس", لا أفخر بهذا الأمر فالعمل ليس عيبا طالما انه شريف, وبما اني كنت أعمل في مجال بناء الطوب فلا أعتبر هذه خطيئة أو خيانة للوطن والأمة والدين. بل اني ومن كان معي بطبيعة الحال فرضنا وجودنا وكوننا مسلمون, فلا عمل ايام الجمعة ولا ازعاج في أوقات الصلاة, وكل هذا كان يجري داخل المصنع وبالتحديد في مخزن ضخم كان في ما مضى مدرسة لهندسة الطيران لكنه تحول لاحقا الى فرن لصهر الحديد وصب المحركات وغيرها من انتاج الشركة.

قصة المدير, اني أعجبت بقوة ملاحظته وتشديده واصراره ومثابرته والتزامه بقوانينه الحكيمة. على الرغم اني اجد تناقضا بين كونه يهوديا وبين اعجابي فيه الا ان هذا ما حصل. كان يأتي كل يوم الى العمل ويبدأ باكرا في تمام الساعة السادسة صباحا كل يوم, حتى قبل مجيء عمال المصنع, وكان ينهي دوامه الساعة الخامسة مساءٌ, كان يراقب كل شيء ويدقق في كل شيء حتى انه كان يفهم في مجال البناء اكثر مني, وكان يطلب هدم حائط بأكمله ان وجد فيه اعوجاجا ولو بسيطا. عرفنا على نفسه انه المدير العام للمصنع وانه من مؤسسيه, بحثت في الانترنت عنه ووجدت انه رجل ناجح في عمله الى اقصى الحدود.

يمكننا القول ان "ابنير شاحام" مهم في دولته, فهو صاحب مصنع يدحرج ملايين الدولارات كل شهر ويعقد صفقات مع دول مثل تركيا وغيرها لتقديم خدماته لهن. ذات يوم رايت اهتمام الرجل بنوع السراميك الذي احضره المتعهد كمثال على السيراميك الذي سيكون في الحمام, فلم يوافق عليه مدير المصنع, عندما سالت المتعهد قال ضاحكا ان سبب رفض المدير هو ان ذاك النوع من السراميك يلتقط الاوساخ بسرعة. كيف لمدير بهذه الاهمية التعمق الى هذه التفاصيل التافهة, ولكني حينها عرفت لماذا يقف رجل مثل هذا في منصب مثل هذا, لانه لم يحضر الى هنا بواسطة قريب له او بواسطة رشاوى.

هذا الرجل, صنع مركزه بارادته وبقدراته الشخصية وبمثابرته. ولم يود لعائلة غنية لديها نفوذ او ما شابه او عائلة تمتلك ابار نفط في النقب, بل رجل عادي قرر ان يكون رجلا ناجحا في المجتمع, وهذا بالفعل ما حدث. لم يعرفني "ابنير شاحام" عن عمق, لكنه كان يطلب مني باستمرار تنظيف الطين المتناثر وعدم الاكثار من الفوضى في المكان ليكون العمل اسهل بالنسبة لي.

Nov 11, 2006

حفلة التخرج لحظة قذرة


كم اكره هذا اليوم. كم هو قذر وحقير ودنيء, حقا انه حقير, ليس يوم تخرج كما كان يجب ان يكون بالمعنى الحرفي للكلمة بل كان مجرد توثيق لان ايام المدرسة قد انتهت بالفعل. انه يوم من احقر الايام التي مرت علي, بل انه الاحقر. لم اكن اتوقع يوما ان اصف يوما بهذه الاوصاف, لكن الضرورة اقتضت ان اطلق عليه هذه الاوصاف التي تشرح نظرتي ليوم التخرج من المدرسة.

قبل هذا اليوم بأشهر فكرت كثيرا بهذا اليوم, لعل افضل حل لتفادي الشعور به هو عدم حضوره كما فعل بعض الطلاب وهم قليلون لكنهم فكروا بطريقة صحيحة. وعلى الرغم من ذلك حضرت حفلة التخرج وفعلت كما طلب منا ان نفعل, ان نسطف وننزل الدرج وان نجلس على طرفي القاعة. كنت اتمنى ان يسير الوقت بسرعة, وهكذا كان حقا, فلم اشعر بالوقت يمضي حتى رايت نفسي اجلس في حافلة تأخذنا الى مطعم لكي نكمل هنالك حفلة التخرج.

الحقارة والقرف والبذاءة لم تكن مجرد مواصفات لهذا اليوم على اعتبار انه يوم فراق بين الاصداق ونهاية لايام المدرسة فحسب, بل ان هذه الاوصاف اطلقها على هذا اليوم كونه يوما منافقا ايضا. فقد حضر الحفل بعض الرعاع والمشردين ممن لم يجلسوا على كرسي الدراسة يوما واحدا, بل وبدوا وكانهم من الحاصليين على اعلى العلامات والتحصيل العلمي, ولبسوا الزي الموحد بل واستلموا شهاداتهم وقد التقطوا صورا مع المدير.

لاحقا بعد انقضاء اشهر سمعنا بجريمة فعلها احدهم, وسرقة قام بها اخر, وحقير اخر قام بأفعال مخلة بالاداب. المصيبة اني كلما شاهدت الحفلة على التلفاز ارى تلك الوجوه وارى التخلف بذروته عندما ارى اؤلائك الحثالة, فأسب يوم التخرج وحفلة التخرج ولحظة التخرج فما أحقر ذاك اليوم وما أحقر ما رأيت فيه.

Nov 1, 2006

عروة والحديث بالعامية


في السنة التحضيرية في الجامعة العبرية, تعرفت على شباب من شتى قرى ومدن الخط الاخضر. من بينهم كان عروة, شاب من باقة الغربية, طيب مؤدب ومجتهد ولكن لديه مشكلة معي فيما يتعلق باللهجة العامية. قديما لم اكن اعلم ان هنالك فروق في اللهجة العامية بين قريتي وباقي قرى ومدن فلسطين كلها, على الاقل ولو كانت اختلافات بسيطة.

الظاهر اني لم اكن متعمقا في اختلاف اللهجات الا عندما اختلطت في من يسكن بعيدا عن ضواحي القدس. هنالك حقا امر معقد, لدرجة ان احد اللذين تعرفت اليهم وهو من سكان المثلث, قال لي ذات مرة انني بلهجتي العامية وكاني اتكلم بلغة غريبة. الاختلاف لا يكمن في الاسماء المختلفة للاشياء فقط, بل يتعدى حدودا لم اكن اعرف انها ستشكل تعقيدا لي طوال الفترة التي عرفت فيها عروة.

كنت اتحدث مع عروة في امور كثيرة, وكان الحديث بالنسبة لي كالمعادلة الرياضية. فمقابل كل عشر كلمات انطق بها كان عروة يستخرج اثنى عشر كلمة خاطئة من كلماتي العشرة, وهكذا. ذات يوم احضرت احد اقريائي الى غرفة عروة وشريكه مؤنس في السكن الجامعي, وقد اعد لنا عروة الشاي, وبينما هو يرفع الابريق عن النار سالنا اذا كنا نريد ان يضع لنا في الشاي نوعا من العشب حتى الان اجهل اسمه, ثارت شكوك قريبي لكن سرعان ما قلت له ان هذه عشبة "مرمية" في لهجتنا. هكذا شكل اختلاف اللهجة سوء فهم بين العشبة التي اطلق عليها اسم مختلف عن الذي ندعوها به.

عروة كان مصححي اللغوي طيلة السنة التحضيرية, وكان بمثابة قاموس علي ان ارجع له في كل كلمة اشك بها. لكن عروة كان صديقا طيبا حتى ولو انه كان احدى اسباب تغير لهجتي الأصلية.

Oct 21, 2006

المطويات والبدع والشيوخ في العيد


على ابواب المسجد الاقصي الخارجية يقف شبان منتظمون, يحملون في ايديهم مطويات كثيرة متنوعة ويوزعونها على المصلين المتوافدون على المسجد الاقصى المبارك لاداء صلاة العيد. كنت كغيري قد اخذت احدى المطويات من احد الشبان الذين كانوا يوزعون المطويات في ساحة المسجد الاقصى.

كان عنوان المطوية, "بدع العيد", كانت تتحدث عن البدع التي تجري في العيد, وقد بدأت أقرئها وكان اول سطر فيها يذكرنا بالحديث الشريف الا ان كل محدثة بدعه وكل بدعة ضلاله وكل ضلالة فى النار. كان هذا هدف المطوية, الاشارة الى البدع التي تجري في يوم عيد الفطر, كالتكبير بصورة غريبة جماعية, وقراءة القران بتلاوة غريبة عن التي نسمعها عادة, فليست تلاوة حفص عن عاصم. وهناك بدع اخرى كثيرة.

ما شد انتباهي انذاك انني كنت اشعر وكاني امام شاشة سينما واقعية تحكي قصة اقرئها بالواقع. المطوية في يدي اقرأ فيها, والشيوخ على المنبر يمسكون الميكروفون ويكبرون بطريقة جماعية كما وصفت في المطوية بل وجاء احدهم وبدأ بتلاوة القران بصورة غريبة تماما كما وصفت في المطوية. التفت حولي واذ بي ارى اخرين يحملون المطوية ذاتها ويتحدثون بما افكر فيه.

الغريب في الامر ان المطوية وزعت على بعد خمسين مترا فقط من هؤلاء الشيوخ, وكان التحذير فيها يستدعي التوقف عنده واعطاءه اهمية واولوية لكني احترت في امر الشيوخ الذين مروا بجانب موزعي المطويات التي تحذر من بدع العيد وهم انفسهم يقدمون مثالا حيا على هذه البدع, ولله في خلقه شؤون.

Oct 11, 2006

رمضان والإنحباس الحراري


انها سنوات حاسمة ومتهورة ومضطربة, فلا منطق لما يحدث للطقس والاحوال الجوية. تارة تصيب وتخطئ تارة اخرى, انها نتيجة حتمية للتلاعب البشري بالطبيعة. الانسان ولا سيما الانسان المعاصر يتحمل قدرا كبيرا من المسئولية في قضية ارتفاع الحرارة المتزايد عاما بعد عام, فانبعاثات الغازات من المصانع وتراكم السيارات على الشوارع المزدحمة وعدم توفير طاقة نظيفة غير مؤذية للبيئة هي عوامل ادت وتؤدي الى ارتفاع درجة الحرارة للكرة الارضية عاما بعد عام حيث سميت هذه الظاهرة بالاحتباس الحراري.

شهر رمضان كغيره من اقسام العام يترك بصمة مميزة في حياتنا. في الماضي قبل عشرين عاما تقريبا كان الصوم في شهر رمضان الكريم يبدا في الربيع في شهر اذار وفي نيسان وحتى في ايار كان الحر يلازم الصائمين طيلة الشهر لكنهم كانوا يصمدون رغم الحر نظرا للفصل الربيع ذو الشمس الساطعة.

اليوم الوضع مختلف. شهر رمضان يبدا تقريبا قبل الخريف اواخر الصيف والمفروض ان يكون الطقس متعاونا مع الصائمين الا ان الاحوال مختلفة ومتضاربة. الحر شديد جدا, في عام 2003 كان اول يوم من شهر رمضان يوم احد الموافق للسادس والعشرون لتشرين الاول حيث انه من المفروض ان يكون يوما ماطرا او على الاقل يوما باردا بعض الشيء الا ان هذا اليوم كان حارا, انا اتذكر هذا اليوم خصوصا انه قد تكونت لدي فكرة عن مفهوم الاحتباس الحراري.

لم تكن الصعوبة في الصوم نفسه, بل الصوم متعة وارادة ففي السنوات الاخيرة لم يمضي شهر رمضان الا وقد عملت فيه في البناء وشعرت بمتعة الصيام وسعادة الصائم, لكن الصعوبة تكمن في الطقس الذي لا يتعاون ابدا. فشهادة من صام قبل عشرين عاما واكثر هي خير برهان على ان الصعوبة في صيام رمضان هذه الايام ليس بسبب الجوع وانما بسبب الطقس الحار الغريب. فمتى سيترك الاحتباس الحراري شهر رمضان الكريم وشأنه؟, لعل الاعوام المقبلة ستكون اجابة لهذا السؤال.

Oct 1, 2006

كيف تتسلل الى المسجد الأقصى


انه اخر يوم في شهر رمضان, فلا بد انك تعرف ان غدا يوم عيد. هكذا بدت الأمور عادية ومنطقية ككل عام يمر علينا, فنفرح بقدوم رمضان ونستقبله استقبالا من نوع اخر, لكن الغريب في هذا الاستقبال هو اننا اصبحنا نتلهف لقدوم رمضان من جهة والتفكير في مقاومة الطقس الحار من جهة اخرى. انه شعور لا يوصف الا عند تجربته.

في عيد الفطر تسقط كل اقنعة التلذذ بالمأكولات التي نتوعد بها في ايام الصيام, وتبقى المياد المعدنية متربعة على عرش المشروبات اينما ذهبنا لانها ببساطة تغنينا عن كل المشروبات الاخرى بل والطعام ايضا. صلاة العيد مهمة لمن قام وصام وصلى في رمضان, فهي جزء لا يتجزأ من الطقوس التي تتأقلم مع شهر رمضان الكريم, ولصلاة العيد في المسجد الأقصى طعم مميز, فقبل العيد كانت صلاة التراويح تاتي في الليل اما في صلاة العيد فانها تاتي في النهار, اي ان ذات الاسواق وذات الضجة تنتقل من الليل الى النهار.

الصلاة في المسجد الاقصى مميزة حقا ولبلوغها يحتاج من يسكن خارج القدس لسيارة, ليست هذه بمشكلة فهنالك خطوط مواصلات كثيرة, اما ان تصل الى المسجد الاقصى وبالتحديد الى اسواره وتمنع من الدخول فهذه حقا مشكلة وخصوصا في صلاة العيد.

ليلة العيد لم يسمح لنا بالدخول من قبل رجال الشرطة تحسبا لامور تخريبية على حد قولهم, فقمنا بتنظيم انفسنا وبالصلاة جماعة خارج سور المسجد الاقصى, فصلينا العشاء وانتظرنا من دخل ممن كان معنا فقد سمحوا لمن هو فوق سن الخامسة والاربعين بالدخول.

التخطيط للدخول الى المسجد الاقصى استحوذ انتباهنا وتفكيرنا الى ان وصلنا لنتيجة واحدة وهي ان نتسلل الى المسجد الاقصى قبل اذان الفجر اي ان ننطلق بالسيارة قبل اذان الفجر بنصف ساعة لكي نستطيع البقاء داخلا قبل مجيء الشرطة التي تنصب الحواجز, وهكذا يمكننا ان نصلي صلاة الفجر وصلاة العيد ونعود للبيت.

الامر الذي لم ناخذه في الحسبان ان الشرطة لا تنام, فربما يتعب الشرطي ويرهق ولكنه يستبدل باخر, فعندما وصلنا الى الاسوار وجدنا رجال الشرطة كما تركناهم في الليل ولكننا وصلنا اليهم ولم يكن هنالك مانع لديهم بدخولنا فسالناهم عن السبب فردوا بان مهمتهم انتهت واصبح بامكان الجميع الدخول.

Sep 11, 2006

أين كنا في سبتمبر


منذ عام 2001 في كل عام في الحادي عشر من سبتمبر, تكون ذكرى لهجمات الحادي عشر من سبتمبر والتي أصبحت علامة فارقة في التاريخ المعاصر. يحاول كل شخص ان يتذكر اين كان, وما كانت الظروف انذاك ولماذا حدثت تلك الحوادث. اذكر أني كنت في القدس عند طبيب العيون, وعندما عدت الى البيت وجدت خبر ارتطام الطائرة الأولى بالمبنى الأول.

بعدها توالت الأحداث واستمرت وتبلورت في أن الحوادث التي تتعرض لها الولايات المتحدة الأمريكية حوادث ليست عشوائية وانما منظمة ومخطط لها منذ وقت طويل. وكما ان الأحداث والذكرى تتكرر كل عام فان الشك شكبر ايضا كل عام, وباتت خيوط توضح ان الذي قام بضرب الولايات المتحدة الأمريكية هم الأمريكان أنفسهم.

حقيقة تكاد تكون مستحيلة لكنها واقع مستنبط من التاريخ, عندما استغل الولايات المتحدة الأمريكية بيلر هاربر كذريعة لدخول الحرب العالمية الثانية, وها هي الآن تستغل ما تسميه "الحرب على الارهاب" كذريعة للدخول في حروب في الشرق. لكن الفرق انها في الحرب العالمية الثانية نجحت بفضل القنابل الذرية, اما الان في غارقة في وحل العراق والمقاومة العراقية.

معادلة صعبة أطرحها في كل عام من في هذا اليوم, وما زلت أبحث عن تفسير مناسب لما يحصل وما حصل وكلما سنحت لي الفرصة أتذكر أين كنت في سبتمبر بالضبط.

Sep 1, 2006

بداية التحضيرات للحرب القادمة


في يوم دراسي نظمه مركز يافي في جامعة تل ابيب حول تداعيات الحرب على لبنان: استبعاد حرب أخرى واللاعبون الأساسيون في المنطقة ليسوا عربا
٭ بروفـيســـور اشــير ساســـير: تحديات "من نوع جديد" تظهر في الشرق الأوسط تتمثل اساسا في "نظرية المقاومة" التي تحـــظى بشـــعبية غير مســــــبوقة في المنطقة ٭ غــيورا ايلانـد: الجــــيش لم يكن جاهزا لمثل هذه الحرب لأن تقـــــــديراته السابقة افادت ان حربا ستندلع بين اسرائيل وجهة عربية فقط في واحدة من حالين: سقوط نظام او مبادرة اسرائيلية لها ٭ البريغادير في الاحتياط شلومو بروم: الحــرب مع الفلســطينيين ستـطـول ولـن تنتــهي الـــــى حـــســـم عســـكري انمــــا الــى ســـياســــــي

المحاضرون الاسرائيليون المشاركون في اليوم الدراسي تحت عنوان «تداعيات الحرب على لبنان» الذي نظمه، الثلاثاء الماضي مركز «يافي» للأبحاث الاستراتيجية في جامعة تل ابيب في تقويم نتائج الحرب. وفيما أشار بعضهم الى عجز الجيش عن دحر «حزب الله» رأى آخرون في القرار الدولي الرقم 1701 مكسبا سياسيا هاما لم يكن ليتحقق لاسرائيل من دون هذه الحرب. لكن جميع المتحدثين أجمعوا على ان الانطباع الذي تركته نتائج هذه الحرب أذهان الاسرائيليين هو الفشل او بلغة ملطفة «الاخفاق» وعزوا ذلك الى الفارق الكبير بين الأهداف التي حددها الجيش وبين ما تم بثه للجمهور من ان هزم حزب الله سيتحقق خلال ايام من دون أن يخطر بباله ان تتعرض البلدات شمال اسرائيل الى قصف متواصل لمدة شـــهر.ورأى البريغادير في الاحتياط شلومو بروم ان الحرب التي وقعت هي «نموذج للحروب المتوقعة في المستقبل» التي يكون أحد اطرافها تنظيما، على الغالب تنظيم أنصار في دولة ليست قادرة حكومتها على بسط سيطرتها، وليس دولة».وأضاف ان حربا كهذه تستغرق وقتا طويلا لأنه ليس ممكنا حسمها خلال حرب قصيرة، «وهذا ما لم يستوعبه الاسرائيليون». وتابع انه كان واضحا للجيش الاسرائيلي انه لن يحقق حسما «بعد ما أنجزه في الايام العشرة الأولى لأن الحسم يتطلب اعادة احتلال كل جنوب لبنان وخوض حرب طويلة لا يرغب بها أحد في اسرائيل».

واستبعد العسكري السابق ان تشهد الحدود الشمالية لاسرائيل حربا اخرى بين اسرائيل و»حزب الله» لأن الطرفين منهكان لكنه دعا القيادتين السياسية والعسكرية في اسرائيل الى الاستفادة من الحرب على لبنان في الحرب التي تخوضها اسرائيل ضد الفلسطينيين. وزاد ان الحرب مع الفلسطينيين ستطول ولن تنتهي الى حسم عسكري انما الى سياسي «من شأن العمليات العسكرية التي نقوم بها ان تؤثر لمصلحتنا على طبيعة الحل السياسي».

من جانبه قال الاستاذ الجامعي مدير معهد «ديان» للدراسات الاستراتيجية في الجامعة ذاتها البروفيسور اشير ساسر ان الحرب ألاخيرة لم تكن حربا اسرائيلية - عربية «لأن اللاعبين الأساسيين فيها لم يكونوا عربا». وقال انه من الناحية الاستراتيجية دارت الحرب بين الجيش الاسرائيلي وايران او «بين قوتين عظميين ليستا عربيتين». واضاف ان الحرب كانت نتيجة حتمية للتغيرات في المنطقة التي سبقت الحرب «وجاءت الحرب لتوضحها بشكل أكبر».

ورأى المحاضر ان الدول العربية الرئيسية منشغلة في همومها الداخلية «ومنطوية على نفسها وفي مقدمها مصر». وقال انه مقابل «الأفول العربي» تشهد المنطقة بروز قوى عظمى ليست عربية: اسرائيل وايران وتركيا وان ألأخيرة « مخذولة من الغرب وتعود شيئا فشيئا الى الحضن الاسلامي بعد ان رفضتها اوروبا».

ورأى المحاضر الخبير في الشؤون العربية ان تحديات "من نوع جديد" تظهر في الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة لا تتمثل في السلاح غير التقليدي فحسب انما في "نظرية المقاومة" التي تحظى بشعبية غير مسبوقة في المنطقة، خصوصا المقاومة اللبنانية والفلسطينية "ما يستوجب على اسرائيل الاعداد لمواجهة هذه النظرية". وزاد ان اسرائيل فضلا عن وجوب الاعداد للمشروع النووي الايراني ملزمة ايضا الاعداد لاحتمال حصول فوضى عارمة في المنطقة "واحتمال تشرذم خطير في العراق سينعكس حتما على الأردن وبالتالي على اسرائيل ". كما اضاف ساسر "المسألة الديمغرافية" الى مجمل التحديات التي تواجهها الدولة العبرية وقال: "اننا امام حسم مصيري في عدد من القضايا والسؤال هو هل عندنا من يقدر على مواجهتها".

من جانبه تناول الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الميجر جنرال غيورا ايلاند في محاضرته سيرورة اتخاذ القرار السياسي في اسرائيل وقال ان جل ما يعني رؤساء الحكومة هو البقاء في مناصبهم وانهم يقضون معظم اوقاتهم في الانشغال بقضايا حزبية لا بالقضايا التي كلفوا متابعتها. ووصف اجتماعات الحكومة التي شارك فيها في السنوات الثلاث الأخيرة بغير الجدية وقال ان رئيس الحكومة غالبا ما يخفي عن وزرائه حقيقة ما يدور في خلده لخشيته من ان يستغله خصومه من الوزراء في معركتهم على خلافته او اطاحته. وأضاف ان المشكلة الرئيسة تتمثل في غياب طاقم مهني يعمل الى جانب رئيس الحكومة وأن الأخير يفضل ان يكون الى جانبه "مستشارون اوفياء" على حساب خبراء ومختصين في القضايا السياسية والأمنية. وعن قرار اعلان الحرب على لبنان قال ايلاند ان الحكومة اتخذته من دون ان يقدم لها الجيش خيارات مختلفة كما ينبغي ومن دون ان تطلع الحكومة على قدرات الجيش الحقيقية على تنفيذ القرار او ان تحدد له الأهداف او ان تستمع الى تفاصيل ضرورية عن المخطط العسكري او تبحث في استعداد الجبهة الداخلية للحرب. وقال ان الحكومة وقفت امام خيارين فقط اما قبول اقتراح الجيش او عدم عمل شيء. وزاد ان الجيش لم يكن جاهزا لمثل هذه الحرب لأن تقديراته السابقة افادت ان حربا ستندلع بين اسرائيل وجهة عربية فقط في واحدة من حالين: سقوط نظام او مبادرة اسرائيلية لها.

هذه اذا التحضيرات الاولى للحرب القادمة على حزب الله, فقد بدأ المثقفون في عرض الحالة المزرية للجيش الاسرائيلي بدعوى ان الحرب لن تعود مرة اخرى في حين ان الميزانية المصدق عليها للعام 2007 اعطت وزارة الدفاع اكبر حصة وتكاد تكون بقيمة حصة التعليم مرتان, وفي حين عين وزير جديد للتهديدات الاستراتيجية كما دعاه الدكتور عزمي بشارة وذلك من اجل الوقوف بجانب طاولة اتخاذ القرارات حيث جاء على لسان ليبرمان نفسه انه على استعداد لتقديم خدماته. هذه الزعرنة اللامباشرة بدات بها الاجهزة الاسرائيلية متزامنة مع التصعيد على الخليج العربي مع امريكا حيث تحضر الولايات المتحدة الامريكية مع بعض الدول العربية مناورات من شانها في النهاية الاطاحة بالحكم في ايران وليس بدعوى الملف النووي, وعلى الجبهة الاخرى تجري اسرائيل استعدادات قوية لضرب المقاومة في لبنان وفلسطين. من تجربتي الشخصية وعندما سمعت اولمرت يتفوه بكلمات الانتقام بعد الحرب الاخيرة شعرت انه اكثر جدية من اي وقت اخر, لم اسمعها من وكالات غربية او عربية وانما بالعبرية, وكان مفادها ان اللحظة الحاسمة لم تاتي بعد ولكنها قريبة.

Aug 21, 2006

ذا فيلج أو القرية


ذا فيلج هو اسم فيلم كان من المفروض أن يكون فيلما مرعبا كما صورته لنا الدعاية المستمرة المغرضة, لكن المفاجأة كانت ان الفيلم لم يكن سوى فيلم تاريخي درامي, حيث إستخدم الرعب في الفيلم للدلالة على فكرة فحوى الرعب الحقيقي. ذهبت أنا وأولاد أعمامي في سيارة رينو اكسبرس قديمة لا شيء صالح فيها سوى الاطارات وقد ركبت فيها انا واربعة اخرون, وكادت تموت في الطريق لولا ان الطريق خالية تقريبا من السيارات.

وصلنا القاعة وبدأ الفيلم. بداية مملة حسبا ما قالوا لي, وقد أغرمت على تحمل التوبيخ لأن فكرة مشاهدة الفيلم كانت فكرتي وقد شجعتهم على مشاهدته من منطلق انه فيلم رعب من الطراز الأول المخيف جدا. كانت فكرة الفيلم أن الوحوش فيه هو أهل القرية وقد قاموا بهذا الشيء كي يمنعوا باقي أهل القرية الوصول الى خارج حدود القرية والتي كانت ملكا للوحوش, وقد كانت هذه الخطوة هامة, حيث ان الوحوش أي بعض اهل القرية, كانوا يخيفون الاخرين وذلك لأن خارج القرية كانت هناك المدن والحضارة حيث تكثر الجرائم, لذلك كانوا هم من يصنعون الخوف لتفادي مخاطر حقيقية. في نهاية الفيلم يقوم احد الذين يدعون انهم الوحوش بشرح الخطة لابنته الضريرة.

بعد الفيلم خرجنا لنعود الى البيت وكل من كان معي كان محبطا من قصة الفيلم الغريبة, لكني كنت متفائلا بالفيلم بل وقمت بمشاهدته اكثر من مرة في البيت, في الطريق أوقفتنا شرطية مرور ولم تبقي أي تفاصيل في السيارة الميتة الا وقد علقت عليها مشيرة الى انها ستعاقبنا وتقوم بتنحية السيارة من على الشارع اذا لم يعترف ابن عمي انه لم يكن يضع حزاما, ولولا اعترافه لكنا قد بقينا دون سيارة, هذا ما حصلنا عليه من فيلم القرية او .. ذا فيلج.

Aug 11, 2006

أزمة الأسئلة على باب الحافلة


حدث غريب يحصل معي هذه المرة. في القدس في المحطة المركزية, كنت أنتظر في صف طويل على أبواب المحطة لأدخل الى المحطة. بعد ان أقنعت الحارس الذي يتجول في الخارج أني انسان عادي من حقي الركوب كباقي البشر في الحافلة, كان أمامي صف طويل من الناس ينتظرون ادوراهم للدخول الى المحطة.

عندما اقتربت من الباب, قامت الحارسة بطلب هويتي, وعلى الرغم من ان هذا الاجراء غير قانوني الا اني اردت ان اختصر خصوصا اني كنت متعبا وعلى وشك السقوط من الجوع. ولكن الأكثر غرابة في الموضوع هو انها بدأت معي تحقيقا حول وجهتي ومن أين اتيت ولماذا انا هنا وماذا أفعل, وهل هذه هويتي.

كانت الساقطة تحاول ان تثير غضبي, فأصرخ أو أقوم بخطوة ما فيتم سحبي وضربي ويتم تطبيق سيناريو عنصري ضدي. لكني تحملت كل وقاحتها وقرفها وسوء معاملتها, وعندما انتهت سالتها سؤالا واحدا, هل ايضا سائق الحافلة سيطلب هويتي ويحقق معي, فحدقت بي وأنا أدخل وأبتسم ابتسامة صفراء.

Aug 1, 2006

على شفا أمريكا


من منا لا يحلم بزيارة الى الولايات المتحدة الأمريكية لشتى الأسباب, وخصوصا اذا كانت هذه الزيارة ستطول ثلاثة أسابيع. من منا لا يطمح في هذا كله ومجانا, وخصوصا اذا كان هدف هذه الزيارة هو تمثيل المسلمين في حلقات حوار مع أناس من شتى انحاء الولايات المتحدة في برنامج يسمى وجها لوجه, هدفه يشبه اهداف المنظمات التي تطلق على أهدافها, حوار الأديان.

كانت الفرصة قريبة جدا مني, لدرجة أني خططت لتأجيل امتحان الكيمياء, حيث ان الامتحان كان من المقرر تقديمه خلال الفنرة التي تكون فيها الرحلة. كانت هذه هي المرة الثانية التي أحاول فيها أن انضم الى البعثة, المرة الأولى كانت تتالف من أشخاص لديهم أناس قريبون في المجلس المحلي, وكنت قد فشلت في تجنيد أحد لمصلحتي, اما المرة الثانية فقد استطعت التحدث الى شخص ساعدني كثيرا ولولا خطأ صدر عني في مقابلة المنظمة لكنت في الولايات المتحدة.

بعد ان تحدثت من الشخص المسئول, وافق على منحي الفرصة بشرط أن انجح في اللقاء, وهو الأمر الذي لم يكن في السابق حيث كانت البعثة تسافر دون لقاء ولا يحزنون. بعد ان حدد موعد اللقاء ذهبت لأجد امرأتان احداهما يهودية, سمينة, متفهمة, والأخرى على ما بدو انها مسيحية, والتي كانت سببا في عدم قبولي حيث انها طرحت علي أسئلة أودت بي الى أن أكثر من الكلام الذي لا يحبون سماعه ذاك الكلام الذي أحب أن أتحدث فيه.

سئلت عن اللغة التي أفضل التحدث فيها فقلت لا فرق بين العربية والعبرية والانجليزية عندي, على أساس أن يفهموا أني أتقن اللغات التي أتحدثها. وبدأت اتحدث بالعبرية على أساس أن تفهم حنان المسيحية أيضا. كان مشروع الرحلة يدور حول شباب يلتقون في مخيم أمريكي وتدور حوارات حول الدين, والصراع العربي الاسرائيلي. سئلت اذا كان شخص عنيد لا يقتنع بسهولة ما هي الطرق الأمثل لاقناعه بوجهة نظري, وبطريقة جعله يصغي الى آرائي والاقتناع بحسن ديني الخ.

كان هناك سؤال واحد هو الذي أذكره وأذكر أنه وضع النقاط على الحروف حينها. سئلتني اليهودية عن سبب تمسكي بديني على أساس اني ساذهب لأمثل ديني, فقلت ببساطة ان ديني يوفر لكل سؤال جواب وهو ما لا يوفره أي دين اخر. بعد ان فسرت لها معنى ذلك طرحت على سؤالا فرعيا لا اذكره ولكنه يتعلق بالسؤال الأول عن علاقتي بالدين, حينها فكرت واستخدمت الحملات الصليبية في الاجابة على السؤال, عندما قلت ان الاسلام لم يستعمل السيف لكي يقتل او يجبر الاخرين على اعتناق الاسلام ولكن الفتوحات الاسلامية كانت بهدف نشر الدين لمن اقتنع به, اما الحملات الصليبية فقد استغلت الكنيسة والدين وغزت الشرق بالسيف والعنف من اجل الاحتلال والسيطرة.

عندها علمت أن هذا الكلام لم ولن يعجي حنان, وأنا لا ألومها بل ألوم المسئولين على المشروع كله, كيف ينسق مشروع كهذا دون تمثيل شخص مسلم يكون ضمن اللجنة المقررة لمن سيسافر. بعد أيام اتصلوا بي وقالوا اني لم أنجح في اللقاء. اكتملت الصورة وعرفت أن الحملات الصليبية ما زالت تستجد قوتها, كنت على شفا أمريكا, أما من قبل للرحلة فكل من يعرفه يعرف أنه من أكثر الناس كرها للدين ومن أكثر الناس من يفخر بأنه لا يصوم ولا يصلي وقد أختير ليمثل المسلمين.

Jul 21, 2006

عندما رأيت منذر في الحافلة


عندما كنت في الصف الثامن, او كما يسمى الثاني اعدادي, كان شخص يدعى منذر يتعلم معي في نفس الصف, لا اذكر تفاصيل تلك المرحلة جيدا, سوى تلك الشجارات التي كانت تحدث كثيرا بين اصدقاء لي وبين منذر واخرون. منذر شخص عادي من قرية بيت نقوبا المجاورة لقرية ابو غوش. لم اره منذ سنوات, حتى قابلته بالدصفة في القدس عندما كنت عائدا للبيت, كان يجلس في الحافلة وعندما صعدت مشيت لابحث عن مكان في اخر الحافلة فوجدت شخصا مالوفا, شكله لم يتغير سوى انه صبغ شعره باللون الأصفر – وهي عادة باتت منتشرة جدا في محيطه وقريته – نظرت اليه وقلت له: منذر؟, فتذكرني على الفور ودار بيننا حديث عن ماذا يفعل وماذا افعل وكيف تجري الامور مع كل منا. كان الحوار فلسفيا نوعا ما, فحدثني انه يعمل في مكان للحلاقة وقد اصبح مسئولا هناك, اعجبت بتقدمه في العمل خصوصا ان المكان في القدس وهو مكان مشهور.

على الوجه الاخر فقد اعجب هو "بتقدمي", نحو المتباعة في التعلم, وكان كل منا يحسد الاخر ضمنيا على ما هو فيه, لكني كعادتي اؤمن ان لكل مجتهد نصيب. منذر يعيد لي تلك الأيام الشيطانية الصاخبة المليئة بالمشاجرات والتكسير والتخريب في المدرسة. وها نحن الان جالسون في حافلة نتحدث عن ما الذي يمكن ان يكون بعد. نزل منذر من الحافلة دون ان اتذكر اني الان قد تقدمت خطوات وصار بامكاني اخذ رقم جواله, لكن القدر شاء ان لا نتبادل ارقام الهواتف علي سأقابله مرة أخرى.

Jul 11, 2006

بين زيدان ومونديال الأحزان


جاء كأس العالم هذا العام متناسقا مع التوقيت الذي يرتاح فيه المشاهد, قبل اربعة اعوام كان كاس العالم الذي استضافته كوريا الجنوبية واليابان ماساة توقيتية فكل المباريات كانت تبث في العاشرة صباحا, اما هذه المرة فان التوقيت الألماني منح المشاهد الراحة في المشاهدة, فلم أشعر بضغط كما كان يحصل معي في كاس العالم السابق. والحق يقال ان الألمان ابدعوا في تنظيم هذا المونديال وأبدع منتخب ألمانيا ايضا.

المفاجات لم تتوقف في هذا المونديال, من اكثر المفاجئات التي شدت انتباهي هي صعود منتخب اوكرانيا الى دور الثمن نهائي وهو امر كان بعيدا عن التصور فلم يشهد تاريخ المونديال ان صعد اليه منتخب اوكرانيا بتاتا. لكن هذه المرة كانت مختلفة فقد صعد الى الثمن نهائي وعوض خساراته واثبت جدارته. من المفاجئات الأخرى التي شدت انتباهي هي قدرة زيدان على المواصلة, فقبل ثمان سنوات رايت كيف حصل زيدان على كاس العالم وكنت اظن انه كبير في السن نظرا لصلعته البراقة, قبل اربع سنوات خاب امل الجميع بفرنسا وذلك بعد ان اصيب زيدان في قدمه وتوقف عن اللعب فخسرت فرنسا وخرجت من ثالث مباراة, وقد راهن الكثيرون على ان زيدان سوف يخسر هذه المرة الا انه قد فاجئ الجميع هذه المرة فتراكمت نجاحاته على كل نظراءه حتى المنتخب البرازيلي الذي ظن الجميع انه سيفوز بالكأس, الا ان زيدان حطم امال البرازيليين ومن شجعهم وفاز على البرازيل. عندها خرجت انا واخرون من البيت نجري فرحا لهزيمة البرازيل التي كان الجيران كلهم يشجعونها. وعلى الرغم من اني من حارة يطلقون عليها حارة البرازيل الا اني كنت اشجع المانيا لكن هذا لم يكفي لاقناع اصدقاء لي لأنهم ببساطة ظنوا اني اشجع البرازيل.

استمر المونديال الى ان خسرت المانيا فبات المونديال قد انتهى بخسارتها, لكني تباعت مشاهدة المباريات وعلقت امالي بخسارة ايطاليا على يد فرنسا, فايطاليا كانت هي السبب في خسارة المانيا وكم كنت اريد ان يلتقي منتخبا فرنسا والمانيا, لكن حصل ان التقى في النهائي منتخبا فرنسا وايطاليا, وكانت مباراة طويلة جدا.

قبل ان ينتهي الوقت الاصلي للمباراة حدث أمر ما قد غير خارطة المونديال, شاهد الجميع ذلك المنظر, زيدان يضرب برأسه احد المهاجمين من المنتخب الايطالي. عندما تحقق الحكم من زملاءه الحكام اخرج ورقته الحمراء وطرد زيدان من الملعب, كانت لحظة قاسية, كل التوقعات بالإنتقام من ايطاليا لم تكن سوى لحظات لو انه انتظر لكن شيئا ما قد جعله يرتكب تلك الحماقة, لماذا يا زيدان, الا يكفي خروج ألمانيا؟!. هذه الحادثة أثرت كثيرا على مجريات المباراة وعلى الرغم من ذلك فلم ييأس المنتخب الفرنسي بل استمر في اللعب حتى وصل الى مرحلة الركلات. ان المشهد الذي شد انتباهي انذاك هو مرور زيدان خراجا من الملعب بجانب الكأس المتربع على طاولة بيضاء وهو ينظر الى الامام ولم ينظر الى الكاس.

Jul 1, 2006

مؤامرة المحمول في أحلك الأوقات


ليست مجرد مؤامرة كتلك المؤامرات التي تحاك ضد الأنظمة والملوك والرؤساء والفاسدون بشكل عام, انها مؤامرة ضد صاحب الهاتف نفسه ومتى؟, في أحلك الأوقات. انها التجربة الأولى بالنسبة لي في عالم الهواتف النقالة, والسبب لم يكن عدم رغبتي بمواكبة التقدم "الزائف", وانما لأني أعتمد على الهاتف المنزلي بصورة أكبر كما أني وحتى اليوم أشك في مصداقية علاج الذبذبات المضرة التي تخرج من الهاتف المحمول. الغريب في هذه التجربة هو اني لم ارى الفاتورة, فالهاتف جاءني كدعم من "العمل", وعلى الرغم من ذلك فانني أعتقد أنه قد تم تقليص أجري بدل الفاتورة, المهم اني لم أدفع وجها لوجه وهذه كانت المشكلة أي ان الهاتف ليس ملكي بشكل مطلق وانما هو ضمن مجموعة تتكون من خمس هواتف حصلت على احدها.

في فترة من الفترات اعتدت الاتصال بشكل مفرط جدا لدرجة اني استخدمت الجوال وهاتف المنزل – الذي ارخص ثمنا للمكالمات – بجانبي, الى ان اتى يوم ووجدت رسالة صوتية تقول اني لا استطيع الاتصال بسبب عدم دفع الفواتير, فاتجهت لابن عمي الذي هو ايضا واجه نفس المشكلة لكنه طمأنني انها ستنتهي حالما يدفعون الفواتير, حصلت هذه الحادثة اكثر من مرة ولكني تحملت قرف المحمول. المشكلة التي واجهتها هي البطارية التي كانت تنفذ بعد نصف ساعة, البطارية هي المشكلة فعندما كان الخط مقطوعا لم تكن البطارية تتوقف وعند عودة الخط فانها تموت وتعود لسباتها مسببة مؤامرة علي. لم تكن صدفة بل حدثت مع باقي الهواتف المحمولة, فتوصلنا لنتيجة ان بطارية المحمول والذي صنعته شركة ساسونج عبارة عن خردة لا أكثر وان المؤامرة التي كانت تاتي في احلك الاوقات هي امتداد لهذه الخردة.

Jun 21, 2006

المنتخب السعودي والطبق الذهبي


لطالما اشتهرت المملكة العربية السعودية بالطقس الحار والنفط الغزير. ولكنها ايضا اشتهرت بالاموال الطائلة والثراء الفاحش. في المونديال الاخير, اكتشفت ان السعودية وخصوصا المنتخب السعودي وعلى راسه سامي الجابر, خبراء في الذهب. ليس الذهب الذي نعرفه والذي نراه عبر الزجاج المقوى, وانما الذهب الافتراضي والذي يستعمل للتعبير عن حالة ما او حادثة ما.

عندما لعبت السعودية مع تونس, كان الجو صعبا, وكانت النتيجة غير مبشرة ابدا, وفرح بها المنتخب السعودي, وبذل قصارى جهده للفوز على المنتخب التونسي. اما عندما لعب السعوديون مع أوكرانيا فخسر المنتخب السعودي خسارة فادحة, واصبحت فضيحة علنية ومخزية لدرجة ان البعض لم يتابع المونديال, اما انا فعرفت كيف ان المنتخب السعودي قام بأخذ نقاط الفوز من المنتخب التونسي واهدائها للمنتخب الأوكراني على طبق من ذهب, فهنيئا للمنتخب السعودي على هذه الخدمات السوبر وهنيئا للأوكران على فوزهم هذا لأنهم ببساطة لم يتامروا على انفسهم وقدموا ما هم عليه.

Jun 1, 2006

واتنهيت من العدوان الثلاثي


جميل ان يسير المرئ وفق خطة عمل محكمة, وجمبل ان يرى النتائج تفوق توقعاته نحو الافضل, ولكن الجمال الحقيقي, هو عندما يفرغ المرء من ضغط ما ليتجه نحو تجربة اخرى. هذه الحال المتلاحقة والمتتالية, كانت السمة التي ميزت فترة ما من حياتي هذا العام, كنت منشغلا بالتفكير في ما اذا كنت سابلغ هدفي في الوقت المحدد, واذا ما سانهي مهمتي بنجاح.

العدوان الثلاثي على مصر عام 1956, لم يكن مجرد حرب نطالعها في كتب التاريخ, وانما هي حرب ضروس بيني وبين الزمن, وعلى الرغم من اني لم اهزم الزمن كما لم يهزمني هو, فقد خرجنا متعادلين فيما بيننا. العدوان الثلاثي كان عنوان البحث الذي فرض علي ان اقوم به, وفي فترة امتدت منذ بداية العام الحالي الى نهاية شهر مايو, كانت تلك هي المدة التي منحت لكي انهي هذا العمل الذي رايت فيه الكثير من الامور التي غيرت كثيرا في شخصيتي وفي تفكيري.

خلال بحثي في هذا الموضوع كنت قد ركزت على اكثر من سبعة عشر كتابا في ثلاث لغات, كانت اللغة العربية هي الاكثر مصداقية بالنسبة لي, حيث ان اللغة العبرية والكتاب الذين كتبوا عن هذه الحرب, لم يتطرقوا الى الحق المصري العربي في حريته بالعيش بكرامة ودون وصاية اجنبية ودون فرض شروط مهينة لمصر والمصريين, كما ان الكتاب العبريون لم يتطرقوا الى الحديث الداخلي والمهم بالنسبة لوجهة النظر التي تتيح للمواطن العربي فهم الامور, بل كانت جل كتاباتهم في هذه الحرب, عن الفدائيين والاعمال "الارهابية" التي كانت تقع على حدود الدولة العبرية وعن عدم منح العرب قوة عسكرية بينما كان الواقع هو ان عبد الناصر كان يبحث عن الرخاء والامان والحياة الكريمة للشعب المصري والعربي على حد سواء.

كانت المصادر الاجنبية اكثر تعلقا بمصالح الغرب بالمنطقة, فمعظم المراجع التي قراتها بالانجليزية كانت تشير الى ان عبد الناصر لا يصلح لان يكون ممثلا ومدافعا عن المصالح الغربية في المنطقة, وكانت معظم المصادر تثبت ذلك من خلال الحديث عن ارتباط الولايات المتحدة بملك السعودية وتقويته على حساب جمال عبد الناصر وذلك من اجل تقوية صورته امام الشعوب العربية ولكنها وحسب المصادر ايضا فشلت في ذلك.

المصادر العربية كانت متماشية فيما بينها على نحو واحد, وكانت المصادر العربية تمدح الرئيس جمال عبد الناصر على الدور الذي قام به من اجل العروبة والشعب المصري والعربي, سواء في فلسطين او في الجزائر. المصادر العربية كانت في معظمها تدين فرنسا وبريطانيا واسرائيل على هذا العدوان الغاشم بل ودقت ناقوس الخطر الذي يهدد المنطقة باسرها.

كان البحث طويلا وعميقا, من اكثر الكتب اثارة وتعمقا للتفاصيل في هذه الحرب, كتاب حرب الثلاثين عاما ملفات السويس لمحمد حسنين هيكل, فقد اشبع هيكل النقص الذي تواجد وتراكم عندي, وبت اعرف الكثير من التفاصيل حول تلك الحرب, ولحسن الحظ ان اول كتاب بدات اقراه لهذا البحث هو كتاب هيكل حيث تكونت لدي صورة ضخمة وكثيفة عن هذا العدوان واسرار هذا العدوان وعلى الرغم من اني لم اقرا سوى اربعمائة صفحة من هذا لكتاب الا اني كنت اكتشف في كل صفحة شيئا جديدا. باقي الكتب كانت متوسطة الحجم, وقرات منها فصولا كاملة, كانت لأشخاص عاشوا تلك الحرب مثل بن غوريون الذي ذكر اسباب الحرب وكأنها اسباب تتعلق باسرائيل وليست اسبابا تتعلق بكرامة العرب.

التشويق كان المحرك الذي مدني بالطاقة والنشاط لأسهر ليال طويلة حتى الصباح, اقرا واراجع التفاصيل وادون المجريات والتواريخ والاحداث والشخصيات والمقولات والتصريحات والتطورات في تلك الحقبة من الزمن. كنت قد اشتريت كمية من الشوكولاتة, والتي ساعدتني على التفكير بصورة افضل, وعندما احصيت عدد الالواح التي اكلتها وصلت الى اكثر من ثلاثين لوح شوكولاته كنت اتناول ربع لوح تقريبا بالمعدل. كما اني اكتشفت ان السهر على البحث هو امر مفيد جدا, فبغض النظر عن الهدوء والتركيز التام, وجد ان البقاء مستيقظا حتى الشروق, يتيح لي ان اصلي الفجر بسهولة ودون ان انهض من نوم عميق.

عندما حان موعد تسليم البحث, كان الجميع قد انتهى منه تقريبا, وكان يلزمنا ثلاثة او اربعة ايام حتى ننهي اللمسات الاخيرة ونسلم البحث جاهزا. انا كنت من أولائك الذين تاخروا بضعة ايام, ولكننا في النهاية انهينا البحث الذي اخذ اكثر من اربعة اشهر تقريبا لينتهي. في النهاية حصلت على علامة عاليا جدا, وبالرغم من ان كل العمل كان باللغة العبرية الا اني تفوقت على الكثيرين من اليهود انفسهم وحصلت على علامة خمس وتسعون. ولو ان المديرة انذاك لم تكن عنصرية لكنت حصلت على عشرة علامات اضافية لاني قدمت بحثا مطولا, ولكنها ادعت اني لست كفؤ لأحصل على العلامات الاضافية. خرجت من العدوان الثلاثي لآدخل الى حرب حول العلامات الاضافية, لكني خسرت المعركة وبقيت على خمس وتسعون. كثيرون من الذين يتعلمون معي ابدوا اسفهم على تعجرف المديرة وعلى هذه البيروقراطية العمياء, شباب وبنات من اليهود قبل العرب, استغربوا هذه العجرفة من المديرة التي لم تخسر ولن تخسر شيء اذا اعطتني علامات اضافية انا في الحقيقة استحقها, لكنها كانت اقوى من كل المعارضين, ولكن لا باس بخمس وتسعون. حينها عرفت ان العدوان كان معركة واحدة, اما المعارك القادمة فهي كثيرة جدا, بعضها عامة واكثرها شخصية, ومن ذاك المنطلق تغيرت نظرتي للمديرة التي لم تمنحني تلك الفرصة ولكني بالمقابل تعلمت درسا قاسيا, اربعة او خمسة اشهر وربما اكثر, وفي النهاية وضعت في خانة من قدم بحث متوسطا على الرغم من ان علامتي ضمن اعلى خمس طلاب في الصف.

May 21, 2006

عامل التنظيف ودبلوم التجارة


تمر الأيام بسرعة رهيبة, لدرجة ان عامل التنظيف في مبنى السنة التحضيرية, والذي كان يصلي مع الطلاب في الطابق السفلي من نفس المبنى والذي كنت القي عليه السلام كل صبح, لم اعرف اسمه او حتى كنيته, كل ما كنت اعرف عنه هو انه شخص طيب وودود وكنت اناديه بألقاب مختلفة مثل "شيخنا", او "حج", وكان يتفاعل مع هذه الألقاب ولم يبدي في يوم من الأيام استغرابا من عدم معرفتنا كطلاب – نأتي الى هذا المبنى ونمكث فيه طيلة النهار وكانه موطن ثان او بيت ثان – باسمه الذي ما زلت أجهله حتى يومنا هذا.

الشيء الوحيد الذي أصر الشيخ ان يقوله لي, او الشيء الوحيد الذي عرفته عنه, وهي في الحقيقة لم يصر على ذلك وانما عرفت من خلال حديثي معه ذات يوم انه قد مر مرحلة تعليمية في حياته. ان حكمنا على شخص ما من خلال المنظر الخارجي, هو اكبر خطأ يمكن للانسان العاقل قبل الغبي ان يرتكبه, ولكن عدم التسرع هو مفتاح الحل.

خلال العام, تعرفت على اصدقاء كثر, عرب ويهود وأجانب, مسلمين ومسيحيين ودروز. هذا التعارف هو شيء طبيعي لاي شخص يتردد على مؤسسات التعليم او حتى مؤسسات عامة ولكن الامر في الجامعات له نكهة خاصة, فهذا التعرف اصبح ياخذ منحنى صداقة وزمالة, ومن الامور الغريبة ان يكون عامل التنظيف الذي يعمل في ذاك البناء قد كون له صداقات كثيرة مع اشخاص في اغلبهم عربا, كنت انا احدهم, لم تكن صداقة بمعنى الكلمة ولكنها كانت نوعا من الود بين الانسان والانسان, وكنا اغلب الوقت نتقابل في الطابق السفلي حيث جعلنا ذلك المكان غرفة للصلاة.

كان الشيخ ياتي كل صباح قبلنا بساعة تقريبا, يمر على الصفوف ليرى اذا كانت تحتاج الى تنظيف فوق التنظيف الذي قام به في اليوم السابق, وعند اقتراب الساعة الثامنة, كان الطلاب يتوافدون على المحاضرات التي تخصهم. ذات يوم وخلال محاضرة ما, خرجت الى الساحة العامة, ولا أذكر سبب خروجي بالضبط ولكني اذكر ما حدث انذاك, فقد تحدثت مع الشيخ عن المرحلة المقبلة من العام الدراسي وما الى ذلك من هذا الكلام, وجرنا الحوار الى الحديث عن الشهادات, فقال لي انه حاصل على دبلوم تجارة, سألته عن المؤسسة التعليمية, فقال انها في الأردن. منذ ذلك اليوم وانا انظر له نظرة مختلفة قليلا, فالمعادلة غير مكتملة, دبلوم تجارة مع عامل تنظيف, ولكنه في نهاية الامر حر فيما يختار وحر فيما يعمل.

May 11, 2006

مملكة الجنة في مملكة الجحيم



مملكة الجنة, هو اسم لفيلم انتظرته طويلا, وكانت لحظة العرض الأول قد تزامنت مع بعضها البعض حول العالم, فسارعت في اليوم الأول لدى نزول الفيلم لأشاهده. كانت القاعة قد امتلأت تقريبا وكان المنظر الذي انتظره هو دور غسان مسعود والذي اختارته هوليوود ليلعب دور صلاح الدين الأيوبي في هذا الفيلم, فقد قرأت عن دور غسان مسعود وأعجبت بتمثله وادائه للدور في هذا الفيلم. شاهدت الفيلم وانا مسرور للغاية وكان ذلك السرور ينبع نتيجة عكسية لتوقعات كنت خائفا منها ولكنها لحسن الحظ لم تقع.

عندما بدأت حملة الاعلانات التي اجتاحت العالم عام 2005, كانت لدي فكرة عامة عن الفيلم وعن الممثلين, وكنت قد اعجبت سابقا بالممثل اورنالدو بلوم, ليس بالمعنى العاطفي وانما بالمعنى المهني لممثل جسد ادوارا باحتراف. كما اني سعدت لأن الذي سيقوم بدور صلاح الدين هو ممثل عربي, فغسان مسعود أبهرنا في مسلسل صلاح الدين والذي لم يكن فيه صلاح الدين حينها ولكنه كان ذلك المستشار او المساعد او الأكثر تقربا لصلاح الدين الأيوبي. لكني كنت خائفا من شيء واحد وهو القصة التي تروى, فهنالك الكثير من الشكوك التي تولدت عند المشاهد العربي كنتيجة لسياسة سينما هوليوود التي غالبا لم تنصف العرب والمسلمين, وخصوصا وان القصة تركز على شجاعة اورنالدو بلوم بعدم التفريط بالقدس في بداية الأمر ولكنه سرعان ما يطرد هو والصليبيين منها. ردود افعال الصليبيين والمسليمن, تصرفات صلاح الدين, رونالدو دي شاتيون الظالم, الملك المغلوب على أمره, كل هذه الأمور كنت أظن انها ستكون كعادة سينما هوليوود, هم مساكين والاسلام متوحشون.

في الحقيقة, لا شيء يضاهي الاخراج الرائع للفيلم, الذي جسد شخصية قيادية اسلامية يتغنى بها المسلمون حتى يومنا هذا, الا وهي صلاح الدين, فكما علمنا التاريخ ان هذا الشخص كان طيب القلب وشجاعا وبطلا ومغوارا وشهما, فقد أنصفته هوليوود هذه المرة من خلال مملكة السماء, وأثبتت ان صلاح الدين الأيوبي, ليس بحاجة الى المؤرخين العرب كي ينصفوه, فكتاب هوليوود فعلوا ذلك وباحتراف.

مواقف عديدة رايت فيها صلاح الدين الأيوبي وكأنهم يقارنوه بقائد الصليبيين انذاك, فقد رأيته يبكي على الشهداء ويدفنهم بينما الصليبيين حرقوا جثث قتلاهم, في تلك اللحظة من الفلم بدأت أخرج صوتا من فمي وكأني متأسف على هذا المشهد الذي تحرق فيه الجثث ويبكي فيه صلاح الدين على الشهداء ويدفنهم على عكس الصليبيين الذين احرقوا الجثث, حيث اني كنت اقوم بذلك الصوت انا وابن عمي الذي كان برافقني, فكان الصوت يردد وبصوت عال لأن الكل كان مندهشا وصامتا. مشهد اخر أعجبني وهو عندما هدد الصليبي صلاح الدين الأيوبي زاعما انه سيهدم المسجد الأقصى اذا ما سمح له صلاح الدين بمغادرة المدينة بسلام, فبالمقابل ظهر صلاح الدين الأيوبي انه عند وعده بل اظهر ان الانسان اغلى من الحجر, فعندما اتفقا سأله الصليبي ماذا تساوي القدس, فقال لا شيء, وكل شيء. مشاهد اخرى أظهرت صلاح الدين الأيوبي بطلا طيب القلب, واظهرت شجاعة المسلمين وتقدمهم الفكري.

كان الفلم متناقضا وتوقعاتي وهذا خير مما توقعت بل هو ما اؤردت ان يكون. خرجت من القاعة وانا مسرور بهذا الفيلم, فهو أول فيلم أشاهده على الشاشة الكبيرة, ينصف شخصا مسلما. وبل قدم صلاح الدين وعلى الرغم من انه قائد اسلامي بحت, قدمه على انه عادل وصادق ويحترم الديانات الأخرى, فاخر مشهد نرى ان صلاح الدين يدخل كنيسة ما فيجد صليبا ملقى على الأرض, فيحمله ويرجعه الى مكانه على الطاولة, ما اعدل ذلك المشهد وما اروع ذلك الفيلم. بعد هذا كله, خرجت من المبنى كله وفي الطريق شاهدت المسجد الأقصى من بعيد, فتذكرت اني كنت اشاهد مملكة السماء وأني الآن في مملكة الجحيم.

May 1, 2006

إسرائيل وجبهة الصداري


غريب ذلك اليوم الذي انفجرت في صباحه ضاحكا على جملة قلتها دون ان ادرك اني اغير التاريخ بكلمة تشابه في لفظها كلمة اخرى, فالأولى هي كلمة جبهة, والثانية هي صدرية. في اللغة العبرية تلفظ كلمة جبهة بـ "حزيت" وجمعها "حزيتوت", اما صدرية فتلفظ بـ "حزيا" وجمعها "حزيوت", ومن يتحدث العبرية يدرك التقارب بين ألفاظ الكلمتان ولكن يدرك ايضا ان الفرق شاسع بين كلتاهما, فالأولى تتبع للحرب والعنف والنار, بينما الثانية تتبع للملابس الداخلية.

كان المحاضر دكتور مردخاي نيسان ياتي الى الصف قبل موعد الحصة بربع ساعة, وذلك من اجل التحدث مع الطلاب الذين يودون التحدث معه, وكان دوما يشجعني على التواصل مع طموحاتي وان لا أهملها, كما شجعني ايضا على الكتابة, فذات مرة وفي لقاء اعده ليتعرف على الطلاب, اطلعته على شغفي بالكتابة. كان مردخاي نشيط العزيمة, وطويل البال, كان يتحدث العبرية والعربية والانجليزية والفرنسية, وعندما كان يتحدث العربية كنت ابتسم لانه عربيته مضحكة نوعا ما.

كنت دوما انتهز الفرصة بعد كل محاضرة لاتحدث معه, واريه في بعض الاحيان امورا تتعلق بالشرق الاوسط والعالم العربي, وحقوق الانسان وحتى اني ذات يوم احضرت له استطلاعا اجرته الجزيرة حول خطورة القنبلة النووية, ومرة عن الوضع في العراق, ومرة عن تيسير علوني وكيف عاملته السلطات الاسبانية بوحشية وهمجية, وكان رده فعله دائما ايجابيا تجاه حرية الصحافة, فهو مطلع على التغيرات في العالم العربي ويدرك جيدا ان العالم العربي ليس بعيدا عن الدولة العبرية على الأقل جغرافيا.

ذات يوم جاء كعادته, جلس يشرب القهوة, وكانت لدي فرصة للتحدث اليه, فسالني عن الوضع وعن الضغط الدراسي والذي اصبح في تلك الأيام ياخذ وضعا حرجا جدا, فطمانته ان كل شيء يسير وفقا لما اخطط. كنا قد وصلنا في تاريخ الشرق الاوسط لحرب اكتوبر, فحدثني قليلا عما سيرويه لنا في المحاضرة, فاستخلصت ان اسرائيل كانت تحارب في جبهتين وليس جبهة واحدة, كانت الساعة الثامنة صباحا وكنت يومها افتح عيني بصعوبة لاني لم انم جيدا, والغريب في الامر اني بدل ان اقل في جبهتين قلت له في صدريتين, فضحك, فقلت له اني لست بكامل استيقاظي, فأخبرني قصة مشابهة حدثت معه, وهكذا جعلت اسرائيل تحارب في صدرية بدل جبهة, غيرت التاريخ والوقائع والحقيقة بخطأ كلامي بسيط.

Apr 21, 2006

إيريز ونظرية الأقنعة


ايريز شخص اسرائيلي من الطراز الأول, ويكاد يكون نموذجا حيا للمواطن الاسرائيلي بتفاعلاته وسلوكه وتصرفاته, فهو يهودي من القدس, خدم في الجيش, وجاء ليتعلم في الجامعة العبرية عاما قبل ان يبدأ دراساته العليا في الكلية التي اختارها لاحقا. ايريز كأي اسرائيل عادي, يعمم بين الارهاب الدولي والاسلام, ولا يفرق بين الجماعات المتخلفة كتنظيم بن لادن وغيره التي تدعوا نفسها اسلامية, والاسلام منها براء. ولعل هذا التعميم جاء اثر تكدس الاعمال الارهابية التي راح ضحيتها الكثير من الابرياء, ولكن على أي حال فان ايريز ما هو الا شخص يعتبر تلك الجماعات, جماعات ارهابية.

كان لي مع ايريز حديث ذات يوم عن الجماعات التي تدعي الاسلام منهجا لها, حيث اني وضحت له ان تلك الجماعات لا تمثل سوى من فيها من اشخاص, وبالطبع ليست كل تلك الجماعات مثل بعضها, فهنالك جماعات منظمة تسير وفق مصالح المسلمين وحرياتهم, وهناك جماعات تسير وفق مصالح شخصية واهداف مشبوهة, وفي النهاية فان كل العالم يتقنع بأقنعة لا تعد ولا تحصى. اما ايريز فقد قال لي ذات مرة اني شخص طيب وانه يفضل الحديث معي واني باختصار شخص جيد, لم يكن ردي كالمعتاد, فبعد ان شكرته على المديح, بدأت معه نقاش حول الأقنعة, وان كل الحقيقة دائما صعبة.

هناك مثل بالعبرية يقول انه ليس كل شيء يلمع فهو ذهب. هذا المثل الشعبي المتداول كثيرا بين الشعب الاسرائيلي, خير مثال على نظريتي للأقنعة التي تحدثت مع ايريز عنها. ايريز وصفني بأني شخص جيد ولكني وعلى الرغم من هذه الحقيقة, اخبرته ان كل العالم أقنعة فبات يقتنع بتلك الفكرة, وأذكر ذات مرة انه دعاني شخص الأقنعة. ولكن في الحقيقة ان كل شيء قاله عني ما هو الا حقيقة في حقيقة, فأنا شخص جيد وطيب على حد قوله.

تجربة الأقنعة الحقيقية شهدتها عندما كنت في احدى الامتحانات والتي كان ايريز معي في ذات القاعة, كان امتحان رياضيات. المعلمة والتي قدمت من روسيا, كانت تؤلف اسئلة صعبة جدا في الرياضايت, وبغض النظر عن اذا كنت احل تلك الاسئلة ام لا, الا ان ذاك الامتحان كان يجمع ما بين النظرية والتطبيق. وصدق من قال ان النظرية شيء والتطبيق شيء اخر. كان الامتحان مليئا بالجذور, تلك الجذور التي لا يحبها احد, ولا يطيقها أحد.

ايريز شخص بالغ, في العشرينيات من عمره, انهى الجيش ولديه طموحات عديدة في الخوض في السياسة الاسرائيلية, لديه جسم رياضي وصديقة. كنت قد دخلت الى القاعة وجلست انتظر ان احصل على ورقة الامتحان, بعد ربع ساعة, وبعد ان إطلع الجميع على أسئلة الامتحان, اصابنا نوع من الخوف من عدم النجاح فيه. لاحقا حصلت على اعلى من تسعين ولكن في الامتحان رأيت كيف ان نظرية الأقنعة تنطبق في ذاك الامتحان ولكن بالعكس, فرأيت بعض البنات وليسوا كلهن يبكين بسبب الجذور, ولكن الغريب اني رايت ايريز يبكي وبشدة, اعدت النظر جيدا ولم اصدق نفسي, ولكن ادركت ان النظرية شيء والتطبيق شيئ اخر.

Apr 11, 2006

نحن قوم يحترم النساء



ذات يوم خرجت من الجامعة متعبا جدا, على عجلة لأصل الى البيت في أسرع وقت ممكن. كنت قد قصدت الحافلة التي توصلني من الجامعة الى المحطة المركزية, حيث كانت هذه الفقرة تأخذ من الوقت ما يقارب النصف ساعة. وعلى عجلة من أمري أيضا, دخلت الى المحطة المركزية, بعد نقاش طويل مع الحارس الزنجي هناك حتى ابتعد عني ووجد أنه لا جدوى من تأخيري أكثر مما قد تأخرت بسببه.

على الأبواب الكبيرة الواسعة, وعلى منظر خلال للغروب يشق طريقه لينتقل من القدس الى المناطق التي تقبع غرب القدس, كنت انا أعاني على أبواب المحطة المركزية, بين اخراج هوية لأثبت لذلك الأثيوبي أني "لا" أشكل خطرا على حياته وحياة من حوله. كنت قد دخلت الى المحطة مطمئنا بعض الشيء الى أن صادفت موقفا غريبا نوعا ما, وقد حدثت زملائي وأصدقائي عنه في اليوم التالي.

بعد أن سرت حوالي عشرة أمتار مبتعدا عن الحراس, توجهت الي فتاة روسية, جميلة الوجه. كانت قد أستوقفتني, فوقفت, فطلبت مني قطع نقدية لتصل الى بيتها. أذكر انها سردت لي قصة ما, ولكني لم أصغ للقصة بقدر ما حدقت في أعينها المتعبتين, واذا بي أخرجت خمسون شاقلا, فأخذتهم وقامت باعطائهم لأحد الباعة فأعاد اليها المال بين ورقتا عشرين شاقلا, وعشرة شواقل. فأخذت العشرة, وأعطتني الأربعين. شكرتني, فعفوتها وذهبت دون أن أحفظ ملامحها. في اليوم التالي أخبرت أصدقائي بالقصة, منهم من أبدى اعجابه, ومنهم من استغرب ذلك الموقف مدعيا أنه لو كان مكان الفتاة لما ساعدته, ولكني في النهاية قلت لهم, أننا قوم يحترم النساء.

Apr 1, 2006

عماد الدين زنكي أم زنجي


عندما تشرق الشمس من الشرق, فلا شك انها ستعود لتغرب من الغرب. تلك النظرية يصح القول عنها انها طبيعية, وقد فهمها الانسان دون اللجوء الى دفع المليارات من الدولارات لتوقع ما سيحدث. اما عندما تتكدس الغيوم فوق منطقة ما, فانها حتما تاخذ وضعية الغيوم التي ستهطل الامطار منها, ولكن ليس بشكل اكيد وواضح, فكثيرا ما تكون تلك الغيوم, غيوما صيفية تكونت نتيجة لارتفاع الحرارة العالية التي تبخر الماء وتحوله الى بخار والذي بدوره يتحول الى غيوم من جديد.

التاريخ الذي نتعلمه وندرسه في المدارس والجامعات اصبح كالغيوم في النظرية السابقة, فمع تقدم الحضارات وسهولة التواصل في ما بينها جغرافيا, اخذت تؤثر على بعضها بشكل كبير جدا مما ادى الى تغير التوقعات وهطول الامطار في الصيف بدل الشتاء, وان كان ذلك مجرد كلام على ورق. التاريخ الاسلامي حظي بحصة كبيرة من هذه اللامبالاة وهذا التغيير الذي انعكس بدوره على التاريخ الذي نعيشه اليوم والذي نتعلمه.

كلمة "حشيش" في اللغة العربية كانت في قديم الزمان تجسد تلك الجماعات التي حاولت قتل صلاح الدين الايوبي, حيث كانوا اتباع هذه الجماعات يسمون بالحشاشة. هذه الكلمة انتقلت الى الغرب عن طريق رحالة ايطالي, وفي الغرب استخدمت للدلالة على الجريمة, فأصبحت تسمى "أسيس" وتحولت الى مصطلح اغتيال "أسيسياشن". أي ان اصل الكلمة هو عربي. هذه احدى الكلمات التي عبرت بين الحضارات واخذت معان كثيرة تدل على الجريمة. اما في التاريخ المعاصر, فان الحال تغير واصبح الشرق ينقل عن الغرب. قديما كان التاريخ يكتب على يد اصحاب الشأن, فالمسلمون كتبوا تاريخهم واثر ذلك التاريخ على الحضارات المحيطة بهم, وكلمة حشيش خير دليل على ذلك, اما اليوم فالتاريخ يستمد مصداقيته وفق ما يتناسب مع الغرب.

في احدى حصص التاريخ الاسلامي والشرق الاوسط, تطرق الدكتور مردخاي نيسان الى حقبة صلاح الدين الأيوبي, فقد اثنى عليه وعلمنا كيف استطاع ان يوحد العرب والمسلمين في وجه الصليبيين, وكيف اعاد القدس بعد اكثر من مئة عام على احتلاله من قبل الصليبيين. كانت تلك الحقبة مثيرة للجدل, فقد علمنا مردخاي ان صلاح الدين بايع عماد الدين زنكي في حين ان ابا صلاح الدين تحدث مع ابنه على انفراد بان مصر ستكون لبني ايوب. وعلى الرغم من اني وجدت تناقضا بين ما يعلمني اياه مردخاي وبين ما يروى في التاريخ العربي والاسلامي, الا اني وجدت اغرب شيء هو الاسماء التي لطالما كنت انا – العربي الوحيد – اصححها. فبدل خالد بين الوليد كان يكتب الوليد بن خالد, وعندما صححت له ذاك الاسم, قال ضاحكا, هل غير اسمه؟.

كذلك الأمر مع عماد الدين ونور الدين زنكي, فبدل زنكي قال لنا مردخاي ان اسمه عماد الدين زنجي. على الفور رفعت يدي مطالبا كالعادة بتصحيح الاسم, ولكنه هذه المرة قام بتصحيحي انا وذلك ان اسم هذا الشخص هو زنجي وليس زنكي. كان مردخاي يحمل معه "الدليل" وهو ان اسم زنجي مكتوب في الموسوعة الاسلامية وليس خطئا منه. وطلب مني كتابة الاسم بالعربية لكي يبحث الأمر. بعد انتهاء الحصة, ذهبت الى المكتبة ذات الطوابق الخمسة باحثا عن الموسوعة الاسلامية, وهي موسوعة تكتب بالانجليزية. وعندما وجدتها كانت للاسف في صف مردخاي. في الحصة التالي, عاد مردخاي الى الصف ومعه اخبارا جديدة, فقد اخبرنا انه بحث في المصادر العربية هذه المرة, ووجد ان اسمه زنكي وليس زنجي, ولكنه اصر على تسميته زنجي وذلك وفقا لمصداقية المصادر والمراجع الانجليزية, على الرغم من ثبوت صحة كلامي وفق المصادر العربية. وما زلت اتسائل عن هذه الحقيقة الغامضة في التاريخ, اذ اصبح التاريخ الاسلامي يمر تحت رقابة الغرب والمستشرقين.

لم يكن مردخاي نيسان مذنبا حين سماه زنجي فهكذا تسميه مصادر الغرب في الموسوعة الاسلامية التي هي المصدر الأكثر مصداقية للمتحدثين بالانجليزية وغير الانجليزية, ولم اكن انا مذنبا في هذا الشأن, فلطالما عرفته زنكيا وليس زنجيا, كما ان زنجي لها معنى معروف وهذا المعنى لا ينطبق على زعيم بحجم عماد الدين ونور الدين. ولكن المذنب الوحيد هو الزمن الذي جعل تاريخ المسلمين محطة لا تمر دون ان يوافق عليها الغرب ويعدل فيها كما يشاء ويضيف اليها ما يشاء وينقص منها ما يشاء ويمسح منها ما يشاء, لكني على الرغم من ذلك سأسميه عماد الدين زنكي.. ونص.

Mar 21, 2006

يوم الأم ويوم الصديق


في الحادي والعشرين لشهر آذار من كل عام, نلتقي بيوم جميل وخلاب, بداية فصل الربيع. والروعة فيه ليست لانه يوم يحتفل فيه العالم بالأم, فأنا ضد هذه الامور التي نتناقلها عن الغرب, وانما أحبه لآنه أول يوم بالربيع. فالشتاء مصدر الازعاج ببرده القارس ورعده المزعج, والصيف مصدر الازعاج بحرارته الملتهبة ورطوبته المضايقة وهوائه الساخن ونهاره الطويل. اما الخريف فلا وصف عندي له سوى انه مذبذب بين هذا وذاك. من هذا المنطلق فاني احب الربيع الذي يتسم بالجو اللطيف المتزن والعدل بين النهار والليل والسماء الصافية, وربما يوم الأم.

ذات يوم, وتحديدا بعد يوم الأم قبل ثلاث سنوات, كنت اجلس مع اصدقائي ايام المدرسة. كان الحديث وقتها عن المرحلة القادمة من العام والتحضيرات الصيفية وما الى ذلك من الحديث, حتى وصل الحديث بنا الى يوم الأم. فقال أحد الجالسين, ان امه قالت له قبل ايام ان يوم الأم قد اقترب, فذهب باحثا عن كل السبل المتاحة حتى انى لها بأربعمائة شاقل "من تحت الأرض" حسب قوله. فكرت قليلا وانا اخرج دخان النرجيلة وقلت له, تذكر .. ان يوم الصديق على الأبواب.

Mar 11, 2006

الطريق الى الصوديوم


في ايام الثانوية, كنت متحمسا جدا لدروس الكيمياء. كان ذلك الحماس قد تكون لدي بسبب عمق الكيمياء ودورها اللامحدود في حياتنا اليومية, وتطور ذلك السبب الى الفضول الذي دفعني بشكل ملحوظ لاختيار القسم العلمي على الأدبي في المرحلة الثانوية. الكيمياء كانت وما زالت حسب اعتقادي, الموضوع الذي جذبني بشدة كبيرة لآفهمه وأتعمق فيه, وليس بالضرورة كموضوع دراسي علي ان انجح فيه. الكيمياء ثورة بحد ذاتها, وحقل تجارب طويل الأمد امتد منذ القدم وحتى يومنا هذا ليجلب معه كل جديد ويستمر في التقدم ومواكبة التطورات الطبيعية التي تعكس بدورها رؤيا تطبيقية تسير مواكبة الحياة الانسانية على كوكب الأرض.

في اولى الحصص التي تعلمتها في الثانوية على يد الاستاذ سامي ابو شرقية, تعلمت الجدول الدوري والعناصر ووظيفة كل عنصر فلزي وغير فلزي وجامد وسائل وغازي. من الامور التي تعلمتها, قدرة بعض العناصر على انتاج الطاقة الكافية, لاشعال الحرائق او حتى لعمل انفجار ما, اذا ما استعملنا كمية كافية من عناصر معينة. كانت تلك الفكرة جنونية جدا, لدرجة اني بذلت الكثير من الوقت في الحديث والتدقيق في هذا الامر مع اصدقائي في المدرسة, بل كنا نبحث باستمرار عن عناصر معينة والتي كان من ورائها هدف واحد وهو استعمالها لنثبت لأنفسنا اننا قادرون على صنع شيء متفجر, وكان اهم تلك العناصر, عنصر الصوديوم.

الصوديوم, هو احد العناصر الذي اذا ما لاقى الماء فانه سيشتعل, واذا كانت هنالك كمية كبيرة فان الاشتعال سيتحول الى انفجار. الكالسيوم ايضا يتمتع بتلك الصفات التي تنطبق على الصوديوم, فهو من عائلة الصوديوم, ولكننا تركنا عائلة الصوديوم كلها وركزنا على عنصر الصوديوم فقط. هذا العنصر متواجد في كل مكان, في ملح الطعام مثلا هو مركب يحتوي على الصوديوم والكلور. فاذا اذبنا ملح الطعام فاننا نحصل على كلور ايون سالب, وصوديوم ايون موجب, ولكننا لا نحصل على العناصر صافية كما نبحث عنها. من هنا بدأت بالسعي وراء الصوديوم وكنت افشل في كل مرة الى ان وصلت لنتيجة مرضية.

بعد بحث طويل في المعادلات الكيميائية بين الاذابة والتبخر والتكاثف والتجفيف والترسب, تمكنت من الوصول الى ترسيب الصوديوم في محلول سائل, وعلى الرغم من ان هذه المعادلة كانت حبرا على ورق الا انني راجعتها عشرات المرات حتى تأكدت من انها صحيحة دون شك. لكني في النهاية تراجعت عن الفكرة وعدت الى الدراسة الجادة لتحصيل العلامات التي اطمح بالوصول اليها, الا اني من جهة أخرى تمكنت من الوصول الى الصوديوم, ولكني عدت للدراسة بعيدا عن حلم التفجيرات والتي ما زلت اجهل سبب الوصول اليها.

Mar 1, 2006

حرامي في المكتبة



في بداية السنة التحضيرية, كنت قد أعددت نفسي لأخوض تجربة جديدة لم اخض مثلها في السابق. كانت هذه التجربة, هي الضغط الدراسي بعينه, وسواء كنت ناجحا في التعامل مع هذا الضغط ام لا, فاني أيقنت ان الامر ليس بالسهولة التي يراها البعض. هذه التجربة كانت تضم ساعات طويلة من الدراسة المتواصلة, منذ الصباح الباكر وحتى بعد الغروب, حصة تلو حصة, ومحاضرة تلو أخرى, وساعة تلو ساعة, واذا بالنهار ينتهي فأصعد الحافلة لأعود الى البيت لأعد ليوم جديد.

مع كل بداية كانت التحديات تزداد, كنت أعلم اني على وشك الوقوع في المجهول في أي لحظة اتاخر فيها عن تادية واجبي باكمل وجه ممكن. ومع حرصي على العمل بشفافية, كنت قد أعددت نفسي ايضا للعمل على امور قبل ان يحين موعدها. من هذه الامور كان علي ان اقدم بحثا اكاديميا في أي موضوع يخص الشرق الاوسط او العالم الاسلامي. كنت قد اخترت ان ابحث في حرب العدوان الثلاثي على مصر, عرضت الفكرة على المحاضر, ووافق عليها وشجعني على القيام بها لا سيما اني اتحدث العربية والعبرية والانجليزية, وهذا من شانه ان يساعدني على القراءة من مصادر عديدة. البحث العميق والاكاديمي, اخذ الوقت الطويل, كان علي ان اقرا الكثير من المراجع باللغات الثلاث بينما الاخرون كانوا يقرؤون بالعبرية والانجليزية فقط.

في الجامعة العبرية, ككل الجامعات, هناك نظام شبكة آلات تصوير بالليزر عن طريق استخدام بطاقة ذكية. هذه البطاقة يتم شرائها مقابل سبعة شواقل ويتم شحنها حتى المائة شاقل كحد اقصى, وكل شاقل في الرصيد يستطيع ان يعطي ما يقارب الستة صفحات. وفي حال هذه البطاقة يمكن القول: "على قد لحافك مد رجليك". في احد الايام, بالغت في مد ارجلي, وكنت قد شحنت البطاقة لقيمة وصلت حسب تقديراتي لمئتان وخمسون صفحة كان يمكن ان استغلها. ولأني كنت حريصا على العمل على الشيء قبل أوانه فقد جمعت كل المصادر التي تطلبها البحث في قائمة, وجهزت نفسي لأصور المواد المذكورة لأباشر بالعمل على البحث.

تتكون المكتبة في الجامعة العبرية, من خمس طوابق ضخمة, وقد كان مجمل بحثي في الطابق الرابع والخامس. اول كتاب حسب قائمتي كان في الطابق الرابع, هناك اخذت الكتاب, وخرجت الى زاوية آلات التصوير, وصورت المواد وانتقلت الى الطابق الخامس. فجأة, تذكرت اني لم اخرج البطاقة من الجهاز, عدت مسرعا لأتفقد الطابق الرابع, ولكني لم اجد البطاقة. سألت من كان هناك عن بطاقتي, فقال لي احدهم انه راى شخصا كان ينتظر خلفي, وعندما انتهيت لم يبلغني باني نسيت البطاقة, وصف لي شكله, ولكن اين اجده بين الاف الاشخاص في مكتبة لا يعلو فيها صوت الشهيق والزفير. عدت الى مكان شراء البطاقات, اخبرت البائع بما جرى, فقال لي: "عفارم عليك" واشتريت واحدة جديدة ولكني لم امد رجلي كما في المرة السابقة, لأني أدركت ان الحرامي كان امامي.

Feb 21, 2006

الكعك وضريبة المحمول


من كان يظن أن المحمول هو جهاز إرسال واستقبال للمكالمات فقط؟. بل هو جهاز ترفيه شامل متكامل أصبح يوازي في خدماته, خدمات الحاسوب المحمول او حاسوب كف اليد. لكن تبعات هذا الترفيه ثقيلة نوعا ما, فالتكاليف كثيرة ولا تنحصر في استقبال المكالمات واجراء المكالمات فحسب, بل انها تتخطى حاجز الدفع مقابل تحميل الرنات المختلفة, والأغاني وتنزيل الألعاب والموسيقى والصور وارسال الرسائل القصيرة والطويلة ومقاطع الفيديو الخ. لكن هذا لم يحدث معي, وما حدث معي هو اني كنت ضمن الطلاب الذين يتمتعون بعلاقة وطيدة بين المحمول والكعكة الضريبية.


في ايام الدراسة ايام السنة التحضيرية في الجامعة, كانت تنتشر بين الطلاب ظاهرة غريبة عجيبة تنبع من استخدام المحمول والاستفادة من المحمول بأكبر شكل ممكن, الغريب اني اتبعت هذه الظاهرة واصبحت امهد الطريق لها لتنتشر وتتوسع في كل مكان اقصده. لكنها ومع كل الجهود, بقيت ضمن جدران المبنى ذاته. بدأت الظاهرة مع اول شهر من السنة التحضيرية حيث ومن غير سابق انذار, رأيت المعلمة تدخل الى الصف وفي يدها صندوق ابيض اللون, كنت متشوقا لمعرفة ما في ذلك الصندوق, لكني لم اكن فضوليا جدا, حيث اني انتظرت ساعة ونصف الساعة حتى انقضت الحصة واذا بالمعلمة تفتح الصندوق وتخرج كعكة كبيرة شهية, تطلب من الطلاب تناولها.


لم اتردد للحظة واحدة, تقدمت واخذت قطعة كعك كما فعل الاخرون لكني كنت اجهل سبب هذه الكعكة من اساسه, فتوجهت الى احد الطلاب وسألته عن سر هذه الكعكة, فقال ان هاتف المعلمة قد رن في الحصة السابقة, وكتعويض عن هذه الحادثة جاءت المعلمة بهذه الكعكة. ومنذ ذلك اليوم, وهذه الظاهرة تزداد حدة, فتبعت الكعكة قنينة من الكولا, واصبحت تنطبق على أي شخص يرن هاتفه المحمول, سواء كان طالبا او معلما. اما انا فكنت حذرا جدا من المحمول, ولحسن الحظ اني اكلت الكثير من الكعك من شتى الانواع دون ان اقع في فخ المحمول وضريبة الكعك.

Feb 11, 2006

هابي فلانتاين على حاجز قلندية


كل عام, يمر العالم بمحطات عديدة مختلفة, سياسية منها واحتماعية, متوافقة ومتناقضة في بعضها. من المحطات التي يمر بها العالم ايضا, لحظات الأعياد المشتركة, او كما احب ان اسميها, "الأيام المعولمة". هذه الايام هي عبارة عن اعياد ومناسبات مختلفة جاءت على يد افراد وتناقلتها الأمم والأجيال منذ سنوات دون البحث الكافي وراء هذه الظاهرة. في هذه الأيام المعولمة اخذ العالم العربي يحتفل بيوم الأم ويوم المرأة ويوم الحب, او كما يسميه البعض, عيد الحب, الفالنتاين.


فالنتاين هو شخص لم اعرفه الا في يوم الرابع عشر من شباط من كل عام. سمعت انه شخص محبوب لدى اقاربه وعائلته واصدقائه وعند موته, ارادوا تخليد ذكراه, فجعلوا يوم مماته ذكرى لحبهم له. سمعت رواية اخرى وهي انه كان قسا قد اعدم لانه زنى بابنة ملك ما لا اعرف من هو. ذات مرة رايت مطوية – أي كتيب صغير – يتحدث فيها شيخ عن حكم الاحتفال بهذا اليوم وانها حرام وبدع والخ. سمعت ان فالنتاين اعدم لانه اختلف مع احد الملوك في اوامر ما, هذه الاوامر كانت ضد نشر الدين اليهودي, وفالنتاين خالفها لذلك اعدم. قصص كثيرة سمعتها عن فالنتاين ولكني لا ايه لهذا الرجل فما فعله ليس الا عالة على العالم.


في هذا اليوم, تتسابق الفتيات لشراء الملابس الحمراء, وتكثر نشاطات الكبريهات والخمارات والساحات العامة في شتى انحاء العالم, تضاء الأنوار الحمراء ويجتمع العشاق حتى صبيحة اليوم التالي. في الجامعة ومع الضغط الدراسي الذي لا يوصف بالكلمات, قلما نجد مثل هذه الأجواء, فأحسد الشباب العرب في الدول العربية عندما اراهم عبر الفضائيات, منهمكين في الاحتفال بهذا اليوم. الحسد هنا ليس بسبب فالنتاين, وانما الوقت. كيف استطاع طلاب الجامعات في الدول العربية, ايجاد الوقت للاحتفال بهذا اليوم والضغط الدراسي لا يرحم احدا.


لكني اطئن لسببين, الأول هو ان هؤلاء الشباب والشابات وجدوا ما يفرحون به اخيرا, وانا كجزئ من العالم العربي افرح لفرحهم. اما السبب الثاني فهو عندما نظرت الى قائمة افضل الجامعات في العالم وجدت ان الجامعة العبرية تحتل المركز الستون وباقي جامعات اسرائيل تقبع ضمن افضل مئة جامعة على مستوى العالم, وعلى غرار ذلك فاني لم اجد سوى جامعى عربية واحدة في قائمة افضل خمسنائة جامعة وهي جامعة القاهرة والتي تاتي في المرتبة الاربعمائة وشيئ من هذا القبيل.


هذا اليوم استطاع ان يدخل الى الجامعة العبرية رغم الضغط الدراسي والوضع السياسي الصعب, وعلى الرغم من دخوله, لم يكن مؤثرا اطلاقا. حيث ان جل ما في الامر, ان لجنة الطلبة قامت بشراء الزهور وتوزيعها على الطلاب. لم احصل على زهرة لفترة طويلة, حيث اني سرعان ما تركتها على كرسي في احدى الكافيتريات. كان لي صديق يدعى ايهاب احتفظ بالزهرة التي حصل عليها واتى بها الى الصف, تركها معي وخرج ليشرب القهوة. حملت الزهرة لأشمها, واذا بالمعلمة تسألني من اين لي بهذه الزهرة الجميلة؟, لم اتردد بالاجابة فجمعت بين الرياء والسياسة, فقلت لها اني حصلت عليها كهدية على حاجز قلندية العسكري. لا أبالغ اذا قلت ان كل القاعة اهتزت لكثرة الضحك على تلك الاجابة.

Feb 1, 2006

على أبواب المحطة المركزية العنصرية


صورة من خيالي


من الخصائص التي تميز خطوط المواصلات الكبرى في اسرائيل والتي تعرف بشركة "ايجيد" أن سائقيها والموظفين العاملين فيها والقائمين عليها وحتى ركاب حافلاتها, يتمتعون بحس عنصري عميق, مما يجعل في أولويات واجباتهم الوطنية الاجتماعية والسياسية, ان يمارسوا العنصرية كما لو كانوا يستنشقونها. وأخص هنا اليهود منهم, فالعرب بشكل عام هم الضحايا في هذا المجتمع الوحشي.

خطوط المواصلات "ايجيد" هي أكبر شركة في اسرائيل وخصوصا في منطقة القدس وقد بدأت العمل في البلاد قبيل عام 1944 وقت الانتداب البريطاني في المنطقة والذي بدوره أورث هذا الانتداب لقطاع الطرق والمرتزقة وبعض العملاء العرب في الجوار. هذه الشركة لطالما تمسكت بشعار يميز تناقض مبادئها مع الجودة والخدمة التي تقدمها للزبائن. شعارها يقول: "جيد أن القيادة في يدي ايجيد" والتناقض هنا يتمثل في العنصرية التي يبديها الكثير من سائقي حافلات هذه الشركة, - وهذا لا يعني بالضرورة أن سائقي الشركات الأخريات من الملائكة - ويتمثل ايضا في ان هذه الشركة توظف سائقين من كل من هب ودب.

كما هو معروف أن الدولة العبرية جمعت على مدى العقود الماضية المهاجرين "اليهود" من كل دول العالم, ولم يبقى مكان الا وقد تسللت اليه اليد الاسرائيلية واحضار "اليهود" منه الى البلاد, سواء كان ذلك عن طريق البحر أو الجو وحتى اليابسة. هناك مثل يتداوله البعض وهو تساؤل عن أنظف دولة في العالم, الاجابة هي المغرب, لأن الحكومة الاسرائيلية قد أتت بكل القمامة الى هذا الوطن, وقد سمعتها عدة مرات وفي العربية والعبرية أيضا.

عندما أفتتحت محطة الحافلات الجديدة الواقعة في القدس, كانت هواجس الأعمال الاستشهادية تحوم فوق رؤوس القائمين على الشركة, وكانت الكوابيس تزعج المسئولين, وكانت العمليات تؤتي أكلها كل حين. فسارع المسئولون وسارعت شركات الحماية والمراقبة والحراسة وأجهزة الأمن بتركيب وتكوين مؤسسة حكومية وجهاز حكومي وذلك عن طريق خصخصة المشروع, لمراقبة محطات الحافلات وابقاء الأمن تحت السيطرة. من هذا المنطلق, أصبحت أواجه مشاكل كبيرة جدا في كل مرة أردت فيها الدخول الى المحطة المركزية للذهاب الى رصيف الحافلة التي تقلني الى قريتي, وفي كل مرة كنت أواجه نفس السؤال من نفس الشخص الى أن يأس يوما وأصبح يعرفني بمجرد النظر الى وجهي. كان شخصا أثيوبيا, وجه شاحب, وعيون صغيرة, وعمود فقري يكاد ينكسر من تاريخ مجاعة طويل رمى به الى جهنم المنطقة, وتخلى عنه القدر ليواجه مصيرا كان محتوما عليه. ولكل شخص يعيش في الخط الأخضر أو كما أسميها فلسطين المحتلة, فانه يعي تماما أن أول سؤال يوجهه الأثيوبي هو, بطاقة هوية. يا لسخرية القدر, أثيوبي هاجر الجوع على متن سفينة نتنة, هاجر الغابات وهو لا يمت لليهودية بصلة, وأحضر الى هذه البلاد المسكينة,ويسألني عن الهوية, وعن ما اذا كان مصرحا لي التواجد هناك ام اني من عرب اسرائيل.

في أيام كثيرة كنت أبقي هويتي في البيت عمدا, وأستخدم بدلا منها بطاقة الجامعة العبرية, وفي الحقيقة كنت أفعل ذلك من باب التجربة وقد شاهدت الفرق عندما كان الحارس شخصا اخر, فعندما كان الأثيوبي كنت أضيع عشرة دقائق محاولا اقناعه بأن البطاقة تنفع بدل الهوية. وفي مرة كانت حارسة مؤدبة, فعندما سألت عن الهوية, فتحت المحفظة ورأت البطاقة وعلى الرغم من أني أردت اخراج الهوية الا انها أرادت أن ترى البطاقة, ولم تسألني أي شيء مطلقا, على العكس قامت برفع حقيبتي من على الأرض وقالت لي بالعربية: مع السلامة.

مواقف وأحداث وأزمات وحروب نفسية, تمر كلها على أبواب المحطة المركزية, التي أصبحت رمزا للعنصرية ضد الأقليات. مرات كثيرة استشط غضبا على الحارس الروسي, وكاد أن يطلب لي الشرطة لكني لم ألمسه حينها وقد ساعدني ذلك على الصراخ في وجهه, لكنه كان ذكيا, فقد طلب مني أن أفتح حقيبتي ليفتشها ويضيع علي الوقت, وقد فعلها ذلك الوغد. مواقف كثيرة تجسد المعاناة العنصرية التي تحيط بالمواطن العربي في اسرائيل, وما هي الا نقطة في بحر العنصرية الاسرائيلية, وعلى كافة المستويات.

Jan 21, 2006

ميخائيل شروبسكي صلى بجانبي


ميخائل مع عائلته


هذه قصة ميخائيل شربسكي, محمد المهدي, كما اطلق على نفسه هذا الاسم عندما اشهر اسلامه
نشأ ميخائيل شروبسكي وعاش 30 سنة يهوديا قبل ان يسلم ويتحول من مستوطن متطرف في مستوطنة "كريات اربع" بجوار الخليل في فلسطين الى مسلم متدين مسميا نفسه "محمد المهدي". بعد ان سكن في الخليل بضع سنوات عاد قبل ثلاث سنوات الى مسقط رأسه في اذربيجان فصده والداه الى ان اضطر الشهر الماضي للعودة والاقامة في قرية ابو غوش بجوار القدس هو واسرته.


وتبدأ قصة المستوطن الذي اسلم، محمد المهدي ( 38 عاما) مع وصوله الى البلاد في العام 1993 فأستقر في مستوطنة كريات اربع تقديرا للسفاح باروخ غولدشتاين منفذ مذبحة الحرم الابراهيمي والذي سكن هذه المستوطنة المشهورة بتطرف مستعمريها. هناك استأجر بيتا متنقلا وعمل مدربا للياقة البدنية ونشط في اوساط غلاة المستوطنين قبل ان ينضم لحركة "كهانا" الفاشية في محاولة لتحقيق كراهيته المفرطة للعرب والتي اكتسبها من بيت والديه في اذربيجان ومن محاضرات الوكالة اليهودية. ويستذكر " محمد المهدي" تلك الايام فيقول انه كان قاب قوسين او ادنى من تنفيذ عملية انتحارية داخل احد مساجد الخليل. وحول التحول والانقلاب الكبير في حياته قال محمد المهدي انه متشكك في طبعه وكان دائما يبحث عن معرفة الحقيقة وان اجوبة الحاخامين عن الديانات لم تنل اعجابه سيما وانهم كانوا يشتمون الرسول الكريم بافظع الالقاب تماما كما في الجاهلية"، واضاف: " قبل ثماني سنوات ذهبت الى مرآب في مدينة الخليل وطلبت الى العامل العربي، وحيد زلوم، هناك اصلاح سيارتي وانا اشهر سلاحي في وجهه قائلا يجب قتل كل العرب. ولكن دهشت عندما لاحظت ان المواطن العربي لم يخف بل بادر الى تهدئتي واخذ يتحدث معي بلطف مشيرا الى تقاليد الاسلام في استقبال الناس". وقال المهدي ان تلك الزيارة شكلت بداية الانقلاب حيث عاد الى الخليل والتقى بزلوم الذي اسهب في شرح تعاليم الاسلام له واخذ يعلمه العربية ثم القران الكريم والدين حتى اسلم. وعن تلك اللحظة قال:"بعد نحو العامين والحمد لله تيقنت تدريجيا ان الاسلام هو الدين القويم الذي لم تشبه اي شائبة او انحراف بعكس الديانات الاخرى فذهبت الى وحيد الزلوم بارك الله به واعلنت اسلامي بقول اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله". حيث اعادها مرتين وبدأ يداوم على الصلاة بعد ان اتخذ محمد المهدي اسما جديدا له تعبيرا عن ايمانه بظهور المهدي". واشار الى ان المستوطنين اخذوا يلحظون تغييرات في شخصيته سيما وانه اطلق لحيته وحلق شاربه وبدأت زوجته الاذربيجانية، سبينة، تلبس الخمار وكان يتغيب فجأة من اجل الذهاب الى الخليل للصلاة خلسة واضاف:"بعد ان اشهرت اسلامي نبذت من قبل المستوطنين الذين لم يفوتوا فرصة لمضايقتي وشتمي وسب النبي محمد على مسامعي فانتقلت للاقامة في الخليل حيث رحبوا بي كثيرا".


وفي ايار 2002 عاد الزوجان الى اذربيجان ازاء صعوبات التأقلم التي واجهتهما وهناك ايضا اعترضتهما المصاعب فعادا الى البلاد واستقرا في قرية ابو غوش التي هي قريتي. وهناك يسكن منزلا متواضعا. اما عن اهل القرية فقد احاطوه باعتباره اخا لهم هو وزوجته واولاده حيث يحاول تعليم اولاده الاربعة الذين ولدوا بعد اسلامه واكبرهم يعقوب عبد العزيز ( خمس سنوات) وعيسى عبد الرحمن وهيا بنت محمد ومريم بنت محمد.واشار المهدي الى انه سعيد اليوم بمكان اقامته الجديد وبتعامل سكانه معه بعد مغادرته " الكفار" وهو يتطلع الى العمل في بيئة مسلمة والعثور على مدرسة اسلامية غير مختلطة لابنائه. وقد صرح المهدي الذي يتحدث العربية بلهجة اجنبية انه يسعى لتغيير اسمه الاول في بطاقة هويته " الاسرائيلية" تمهيدا لاداء الحج في السعودية التي يخشى الا تستقبله طالما بقي اسمه الرسمي " ميخائيل". المهدي الذي يصلي في مسجد القرية وفي المسجد الاقصى ايام الجمعة كشف انه عندما ابلغ والده اليهودي وامه المسيحية في اذربيجان باسلامه ساءت العلاقات فيما بينهم وتعرض الى تنكيلهما وعن ذلك قال: " اعتدوا علي وعلى زوجتي واولادي غير ان الاذى الذي تعرض له الرسول وصحبه من قبل الجاهليين كان اشد واعظم". وانهى المهدي حديثه بالاعراب عن ايمانه بأن النصر للاسلام والمسلمين.


محمد المهدي يلقى ترحيبا بكل الوسط الاسلامي, انا قمت بمصافحته شخصيا لدى انتهاء صلاة الجمعة الاولى التي صلى بها في مسجد القرية. هذه الاحداث حصلت قبل عدة اشهر, وما جعلني اعيدها هو اني رايته قبل ايام في القرية, فقد وجد منزلا مريحا في المنطقة وقد وجد عملا وهو مرتاح لانه اسلم. المهدي ومن خلال المحادثات التي أجراها مع أهل القرية, وسع معرفتنا بتفاهمات الدين اليهودي. فمثلا عيد الفصح, ما هو إلا يوم لم يستطيعوا اليهود ان يخبزوا الخبز, فقلبوه الى عيد وهذا تخريف.


ان النقص المعرفي والاسئلة التي لم يجد لها اجوبة في اليهودية, كانت احدى الدوافع في اتخاذ قراره بالاسلام, وحتى رغم معرفته بما سيحصل له لاحقا, فقد نبذه اصدقاءه وكل من هو حوله, ولكنه تمسك بالدين الحنيف واتبه الهدى ووفقه الله عز وجل وانعم عليه بالاسلام. وكان اسلامه على يد ميكانيكي السيارات, فبالحوار المتواضع والصادق استطاع ان يوجه ميخائيل الى الطريق الصحيح, وهكذا كان. فهو امر تنبه له الكثير من اليهود خوفا من ان يصبح ظاهرة وهو بالفعل ظاهرة تتجلى كل يوم ويوم.

Jan 11, 2006

مظلتي والحاجة الحرامية


مدرستي أيام الخوالي


عندما كنت طالبا في المدرسة الثانوية في قريتنا, كانت لدي مظلة مفضلة, حمراء كبيرة - ليست تلك التي في الصورة, فهذه قمت بوضعها على خلفية المدرسة ببرنامج الفوتوشوب - تتسع لثلاثة أشخاص وأكثر. كنت عندما احملها اشعر بالاطمئنان, لاني أضمن أني بعيد عن متناول المطر وعن خطر الابتلال. كانت هذه المظلة تحمل صورة بقرتان, كانت هاتان البقرتان بالأحرى دعاية اعلانية لاحدى شركات الشوكولاتة المحلية الفاخرة. كنت قد اشتريت هذه المظلة من احدى الدكاكين حين اشتريتها بسعر زهيد جدا لا يتجاوز الثلاثة دولارات انذاك, وقد بيعت بهذا السعر الزهيد لأنها قدمت هي ومجموعة كبيرة من المظلات لصاحب الدكان كهدية من الشركة المصنعة للشوكولاتة.

استمرت معي موسما كاملا, وكنت قد تميزت بها باعتباري اني اول شخص قام بشراء مثلها دون بقية أصدقائي. عندما كنت أذهب بها الى الصف كنت أفكر أولا بالمكان النظيف الذي سأضعها فيه. كنت في أيام المطر الغزير, أصطحب معي طلابا يحتمون من المطر, ولطالما كانوا يقومون بأعمال طفولية, كأخذ المظلة والهروب بها وابقائي مكشوفا للمطر وعرضة لاستقبال الزكام المحتوم. ولكنها كانت أياما لا تعوض, ولن تتكرر أبدا.

في يوم من الأيام, اقيمت في المدرسة حفلة بمناسبة انصرام الفصل الاول الدراسي, كانت الحفلة مخصصة لأولياء الأمور, ولكني حينها كنت على رغبة بحضور تلك الحفلة وليتني لم أفعل.

كانت الساعة تشير الى وقت الغروب, وكانت السماء قد بدأت بتحضير نفسها لموجة من الأمطار الغزيرة وانتظرت ساعة الصفر لتبدأ الأمطار بالهطول على كل من هب ودب. كانت الحفلة قد بدأت أو بالأحرى كان الاجتماع قد بدأ, واستمر قرابة الساعة وازداد هطول المطر. كنت قد خرجت من مبنى المدرسة لرؤية المطر عندما وقفت تحت أعمدة المدرسة الكبيرة, وعند عودتي عند المدخل الرئيسي حصلت المصيبة انذاك. في لحظة دخولي رأيت امراة محجبة ما زلت أذكر شكلها, شمطاء, دعبول, قبيحة, سمينة, وأهم شيء أنها لا تمت للدين الاسلامي بصلة بعد الذي قامت به. سمعتها تهمس لأخرى "هناك مظلة" ولم يكن في المنطقة سوى مظلتي أنا, ولكني لم أكن أصدق أن امراة ستقوم بتلك "العملة". عند خروجي مجددا بحثت عن المظلة التي ركنتها على الباب المركزي وأمام نظر الكثيرين مما كانوا في الخارج, فلم أجدها, فسألت من كان هناك, فوصف لي الكثيرون تلك المظلة والغريب أن كلهم أكدوا أن امراة بمواصفات معينة كانت تحملها ومعها امراة اخرى. في الخارج وتحت المطر, رأيت أحد أعمامي في سيارته, فأخبرته بالقصة, وبمواصفات تلك المرأة, فشك في الأمر واشار أنه رأى امرأة تمشي بالشارع بهذه المواصفات تحمل مظلة حمراء. فركبت معه السيارة وذهبنا الى منطقة سكن عائلة تلك المرأة ولكننا لم نجدها. امرأة حاجة معروفة, وقد عرفها عمي من أول لحظة أخبرته بها, ولكني لم أعاود وأسأل, ولكني أتذكر تلك المظلة كلما رأيت الأمطار تهطل, فأسأل الله عز وجل, أن تدوس شاحنة تلك المرأة وأن لا تكون هذه الشاحنة قد خضعت للتأمين, وأهم شيء أن يتأخر الاسعاف لسبب واحد وهو, غزارة الأمطار.

Jan 1, 2006

صراعي مع أفكاري


الصراع



ملايين الأفكار تدور في ذهني وتسبح في خيالي الضيق. لكنها لا تكتفي ابدا, فهي لطالما أرادت أن تبقى قيد السباحة في هذا العقل, وانا لطالما استغربت وتسائلت, هل حان وقت خروجها من قاع المحيط الى الشاطئ لترى النور أخيرا.


تلك الأفكار, تجسد الصراعات المستمرة بين الحق والباطل, بين الشر والخير, وبين الجيد والسيء, وهي باختصار تجسد الانسان في كل جوانبه وزواياه المعقدة. هذه الأفكار لطالما أتعبتني وأرهقتني وأدخلتني في متاهات كنت في غنى عنها, وكانت تدفع بي الى طرق مسدودة وكنت في حيرة, من هو المسئول ومن هو عبد المأمور. فوجدت نفسي بين فكي أفكاري من جهة وأبعاد هذه الأفكار من جهة أخرى وكانت النتيجة دائما ضمن المتوقع, نهاية مفتوحة لأفكار مغلقة.


حاولت أن أجمعها وأصنفها وأرتبها وأعطي كل منها حقا ومكانة مناسبين, لكني تعثرت عندما أمسكت القلم والورقة. فأبت تلك الأفكار أن تطيع ما أريد, واختارت أن تبقى كما هي, متمردة حتى على من أوجدها, الا أني وباعتباري موجدها, استطعت أن أقنعها بأنها اذا رأت النور فانها ستحبه واذا أخلصت لهذا العالم فان العالم كله سينحني لها وسيخلص لها. وهكذا كانت تلك الأفكار, ومع مرور الزمن تزداد الأفكار لكني أزداد اتساعا بايجاد طرق لتحويل هذه الأفكار الى مكانها الصحيح.