May 11, 2006

مملكة الجنة في مملكة الجحيم



مملكة الجنة, هو اسم لفيلم انتظرته طويلا, وكانت لحظة العرض الأول قد تزامنت مع بعضها البعض حول العالم, فسارعت في اليوم الأول لدى نزول الفيلم لأشاهده. كانت القاعة قد امتلأت تقريبا وكان المنظر الذي انتظره هو دور غسان مسعود والذي اختارته هوليوود ليلعب دور صلاح الدين الأيوبي في هذا الفيلم, فقد قرأت عن دور غسان مسعود وأعجبت بتمثله وادائه للدور في هذا الفيلم. شاهدت الفيلم وانا مسرور للغاية وكان ذلك السرور ينبع نتيجة عكسية لتوقعات كنت خائفا منها ولكنها لحسن الحظ لم تقع.

عندما بدأت حملة الاعلانات التي اجتاحت العالم عام 2005, كانت لدي فكرة عامة عن الفيلم وعن الممثلين, وكنت قد اعجبت سابقا بالممثل اورنالدو بلوم, ليس بالمعنى العاطفي وانما بالمعنى المهني لممثل جسد ادوارا باحتراف. كما اني سعدت لأن الذي سيقوم بدور صلاح الدين هو ممثل عربي, فغسان مسعود أبهرنا في مسلسل صلاح الدين والذي لم يكن فيه صلاح الدين حينها ولكنه كان ذلك المستشار او المساعد او الأكثر تقربا لصلاح الدين الأيوبي. لكني كنت خائفا من شيء واحد وهو القصة التي تروى, فهنالك الكثير من الشكوك التي تولدت عند المشاهد العربي كنتيجة لسياسة سينما هوليوود التي غالبا لم تنصف العرب والمسلمين, وخصوصا وان القصة تركز على شجاعة اورنالدو بلوم بعدم التفريط بالقدس في بداية الأمر ولكنه سرعان ما يطرد هو والصليبيين منها. ردود افعال الصليبيين والمسليمن, تصرفات صلاح الدين, رونالدو دي شاتيون الظالم, الملك المغلوب على أمره, كل هذه الأمور كنت أظن انها ستكون كعادة سينما هوليوود, هم مساكين والاسلام متوحشون.

في الحقيقة, لا شيء يضاهي الاخراج الرائع للفيلم, الذي جسد شخصية قيادية اسلامية يتغنى بها المسلمون حتى يومنا هذا, الا وهي صلاح الدين, فكما علمنا التاريخ ان هذا الشخص كان طيب القلب وشجاعا وبطلا ومغوارا وشهما, فقد أنصفته هوليوود هذه المرة من خلال مملكة السماء, وأثبتت ان صلاح الدين الأيوبي, ليس بحاجة الى المؤرخين العرب كي ينصفوه, فكتاب هوليوود فعلوا ذلك وباحتراف.

مواقف عديدة رايت فيها صلاح الدين الأيوبي وكأنهم يقارنوه بقائد الصليبيين انذاك, فقد رأيته يبكي على الشهداء ويدفنهم بينما الصليبيين حرقوا جثث قتلاهم, في تلك اللحظة من الفلم بدأت أخرج صوتا من فمي وكأني متأسف على هذا المشهد الذي تحرق فيه الجثث ويبكي فيه صلاح الدين على الشهداء ويدفنهم على عكس الصليبيين الذين احرقوا الجثث, حيث اني كنت اقوم بذلك الصوت انا وابن عمي الذي كان برافقني, فكان الصوت يردد وبصوت عال لأن الكل كان مندهشا وصامتا. مشهد اخر أعجبني وهو عندما هدد الصليبي صلاح الدين الأيوبي زاعما انه سيهدم المسجد الأقصى اذا ما سمح له صلاح الدين بمغادرة المدينة بسلام, فبالمقابل ظهر صلاح الدين الأيوبي انه عند وعده بل اظهر ان الانسان اغلى من الحجر, فعندما اتفقا سأله الصليبي ماذا تساوي القدس, فقال لا شيء, وكل شيء. مشاهد اخرى أظهرت صلاح الدين الأيوبي بطلا طيب القلب, واظهرت شجاعة المسلمين وتقدمهم الفكري.

كان الفلم متناقضا وتوقعاتي وهذا خير مما توقعت بل هو ما اؤردت ان يكون. خرجت من القاعة وانا مسرور بهذا الفيلم, فهو أول فيلم أشاهده على الشاشة الكبيرة, ينصف شخصا مسلما. وبل قدم صلاح الدين وعلى الرغم من انه قائد اسلامي بحت, قدمه على انه عادل وصادق ويحترم الديانات الأخرى, فاخر مشهد نرى ان صلاح الدين يدخل كنيسة ما فيجد صليبا ملقى على الأرض, فيحمله ويرجعه الى مكانه على الطاولة, ما اعدل ذلك المشهد وما اروع ذلك الفيلم. بعد هذا كله, خرجت من المبنى كله وفي الطريق شاهدت المسجد الأقصى من بعيد, فتذكرت اني كنت اشاهد مملكة السماء وأني الآن في مملكة الجحيم.

No comments: