Apr 19, 2007

سحر ستيلا


ستيلا هو إسم قطرة العيون الشهيرة. لم أكن أصدق تلك الإعلانات التي تبثها المحطات التلفزيونية والتي كانت تظهر فيها بنت عيناها محمرتان جدا, فإذا قطرت عيناه بستيلا وأغمضتهن فإذا بالإحمرار يختفي بسرعة, وكأنه سحر وكأنهم ساحرون. وحتى على أقل تقدير فإن الفترة التي ستطلبها القطرة لتصبح ناجعة ستسغرق عدة دقائق, لكني لم اتوقع أن تكون ستيلا بهذه السرعة الفائقة حتى إضطررت أن أشتري قطرة مثلها.

ذات يوم في العمل تعرضت عيني للغبار والطين, فرآني شخص ما وأحضر لي بصلة وقطعها نصفين ووضعها مقابل أنفي أي بين عيوني وقال لي أنظر الى البصلة لكي تخرج الدموع, ففعلت ولكنها كانت مهمة صعبة, وشعرت برأسي يدور. ثم جاء آخر وطلب مني أن أرجع برأسي للخلف, وقام بتقطيري من ستيلا منتهية الصلاحية, لكنها كانت أفضل حالا من البصلة. حيث شعرت بأن الألم قد خف بالفعل, بعد دقائق نظرت في المرآة فوجدت أني أمتلك عينان كالممثلين لا لون فيهن سوى اللون الأبيض.

عندما عدت الى البيت ذهبت الى الصيدلية وإشتريت ستيلا جديدة, وبدأت أستعملها كلما رأيت إحمرار في عيني إلا أني توقفت عن إستعمالها بعد فترة لأني إكتشفت أن هذا السحر يؤدي الى إدمان على القطرة وهذا مضر للعيون. لكنها بصورة عامة قطرة ممتازة للإستعمال الخفيف, وعند الضرورة فقط.

Apr 18, 2007

دراما لقمة العيش


ظروف قاسية وصعبة تلك التي تضيق الخناق على عمال الضفة الغربية عندما يأتون عبر الحواجز الأمنية الإسرائيلية للعمل داخل الخط الأخضر. ينقسم العمال الى نوعين, الأول وهو الذي لا يمتلك تصريحا بالعمل, وهو النوع الذي يواجه خطورة كبيرة عندما يعبر الحدود الفاصلة بين الضفة الغربية والخط الأخضر. مشهدهم مكرر دائما, سيارة نقل تسع لسبعة أشخاص نجد فيها ما يفوق الخمس عشر شخصا, ويضطر العامل منهم للنوم في الورشة اياما طويلة بعيدا عن أسرته على عكس النوع الثاني, الذي يمتلك تصريحا. لكن من يمتلك هذا التصريح يعيش وكأنه في سجن كبير, لأن التصريح يجبره أن يعبر الحاجز الأمني من الصباح باكرا, وأن يعود من الحاجز في المساء, ليقف في طابور طويل جدا, لدرجة أن أحد الذين يمتلكون التصاريح قال ذات يوم ان الزواج أهون من حمل التصريح, لأن الشرطة الإسرائيلية ستطارد كل من لم يرجع في الليل الى بيته.

حال المتعهدين ليست أفضل حالا من العمال. سنواتهم الذهبية انقرضت منذ انتفاضة الأقصى الثانية. كانت سنوات التسعينيات من القرن الماضي بمثابة سنوات ذهبية لكل المقاولين والمتعهدين سواءٌ كانوا من الضفة او من الخط الأخضر, حيث إزدهر مجال البناء بشكل كبير, وكانت الأمور تؤول الى التحسن وخصوصا بعد عملية السلام بين إسرائيل والأردن حيث منحت الولايات المتحدة الأمريكية إسرائيل ما يقارب العشرة مليارات دولار أنعشت السوق كله أنتعاشا أدى الى زيادة الأرباح في العقارات. لكن الأمر لم يطل كثيرا, وذلك للتغيير المستمر في القيادات الإسرائيلية, فمنذ عام 1996 وعندما فاز نتانياهو في الإنتخابات بدأت الأمور تضطرب حيث إزدادت التفجيرات الإستشهادية بشكل كبير ويومي, وبقيت هذه الحال حتى إندلعت إنتفاضة الأقصى الثانية لتعلن أن مئات الآلاف من العمال باتوا من غير عمل, ومن يريد العمل داخل إسرائيل فعليه أن يحصل على تصريح بذلك.

أفلس الكثير من المتعهدين, ممن كانوا يحصلون ما يقارب الثمانية الآف دولار شهريا, ليخسف وضعهم الإقتصادي حيث وصلوا الى مستويات متدنية لا تتجاوز أتعابهم بضع مئات من الشواقل شهريا. منذ تلك السنوات بدأ التنافس على العمل بين كل من يملك تصريحا وبين كل من لا يملك, وأصبحت الأمور وكأنها غابة, القوي فيها من يصمد. وبدأ التلاعب في الأسعار ذلك الأمر الذي أدى الى انهيار تام في الأرباح فأصبح العمل في مجال البناء وكأنه خدمة ليس فيها مكان للربح كما في الأيام الخوالي. وصلت الحال الى درجة أن أحد المتعهدين القدامى ممن لا يملكون تصريحا, أن يأتي الى صاحب البيت الذي كان يعمل عنده متعهد من داخل الخط الأخضر, وعرض عليه أن يأخذ العمل في سكنتان سويا, بمبلغ يقل عن الذي عرضه عليه المتعهد من الخط الأخضر بكثير. فعندما سأله المتعهد عن ذلك قال أن لديه عشرة اطفال ولا يمتلك عملا, فما كان من المتعهد الأول الى ان يقول له خذها.

كان بإمكانه أن يبلغ عنه كونه لا يحمل تصريحا فيسجن هو وصاحب البيت, لكنه وضع نفسه مكانه فوجدت أن يترك له الورشة كلها, رغم أنه خسر ما يقارب المئة ألف شاقل. لم تمضي أيام قليلة إلا وقد حصل المتعهد على عمل في مصنع كبير, لدرجة أن سيارته لم تكفي للعمال, فإستأجر سيارة جديدة. وسار العمل بصورة ممتازة, وقبض الجميع أجره وفوقه بقشيش أيضا.

Apr 16, 2007

أليس هذا بنفاق يا رفاق؟


هنالك مثل يقول: "ليس كل ما يلمع ذهبا". هذا المثل ينطبق على الكثير من الحالات التي نراها يوميا في حياتنا, وينطبق كذلك على أشخاص كثيرون لكونهم منافقين ومخادعين, وكثير منهم على حساب الآخرين. فالنفاق وجد منذ القدم, وهو غريزة موجودة لدى كل منا, لكن قوتنا التي تكبح هذه الغريزة هي التي تشكل جوهرنا في التعامل مع الآخرين في حياتنا اليومية.

أبو البراء –وهو اسم مستعار- رجل طيب ومتدين ويصلي خمس مرات في اليوم. كان الدافع الأخير في جعل شخص يلجأ الى الصلاة فلطالما نبهنا ذلك الشخص الى الصلاة وكان يحب أن يسمع منا نطلب منه ذلك الى أن تعرفنا الى أبو البراء. فأحبه ذلك الشخص ومال الى نصائحه وعلى غير العادة رأينا ذلك الشخص يطلب منا مساعدتنا في تعليمه الصلاة حتى يتسنى له الصلاة دون مساعدة. وكنا فرحين بذلك كثيرا كوننا نجحنا أخيرا وبمساعدة أبو البراء طبعا في جعل ذلك الشخص يصلي.

لا انكار أن أبو البراء ساهم كثيرا في انقاذ ذلك الشخص من الضلالة. لكن المفاجئة الغير متوقعة على الإطلاق كانت عندما كنا على موعد مع الإستراحة. كان شخص يدعى عماد وهو المسؤول عن العمال حيث كان أبو البراء بينهم. سمعنا عماد يتصل ويتحدث مع أبو البراء ويبدي خوفه من المسئولين عنه ومن المراقب على العمل ولم نفهم القصة.

عندما انتهى عماد من المكالمة جاء الينا لكي يفسر لنا سبب قلقه الذي أبداء لأبو البراء على الهاتف, ولم يكن أحد يتوقع أن يسمع ذلك عن أبو البراء الذي ينتصب باتجاه القبلة عندما يؤذن المؤذن بالضبط لكي يصلي, لم نتوقع ذلك من رجل كان الدفعة الأقوى في اقناع ذلك الشخص بالصلاة أخيرا. أبو البراء كان في قريته بعيدا عن مكان العمل وكان يتحدث ويطلب من عماد أن يسجله وكأنه حاضر للعمل وهو جالس في البيت, أي أن يتقاضى أجره دون تعب, حيث حدثنا عماد عن أنه فعلها عدة مرات لكنه يخاف من أن يمسكه المراقب على العمل, أوليس هذا بنفاق يا أبا البراء؟!.

Apr 1, 2007

من عدو من؟


الزكام آفة حقا, وكرهه حق على كل انسان. ولو كان هنالك عدل في الدنيا, لأوقفت الحروب والمعارك الطاحنة ولتوحدت البشرية في محاربة العدو الأخطر الا وهو الزكام وتوابعه. عندما أصاب بالزكام تتضارب عندي الأمور وتختلط فيما بينها, فالحمى المصاحبة للزكام تأخذني في رحلة تفكير غريبة, وغالبا ما تخطر لي أفكار غريبة جراء الحمى المصاحبة للزكام.

تعلمت من الماضي ان أفضل دفاع هو الهجوم, وخصوصا الهجوم المفاجئ والمدعوم بالتطور التكنولوجي الحديث في مجال الطب والدواء, وهكذا كان. ذهبت الى العيادة انتظرت قرابة الساعة أناضل فيها للوصول الى الطبيب, تارة تأتي امرأة تدخل اليه دون أن ترى أن غيرها قد جاء قبلها, وتارة يأتي شخص يمشي بمعجزة, وتارة تأتي صبية وتخطف الدور لنفسها. ولا أحد يسأل, الكل في فوضى والكل يفعل ذات الشيء, مجرد أجسام لا تعرف النظام. عندما فتحت لي بوابة الطبيب السحرية دخلت اليه منهكا.

طبيب روسي, وأشك في كونه طبيبا أصلا. كيف لطبيب يحمل شهادة طبيب وخصوصا من يعمل في وزارة الصحة الإسرائيلية, حيث يمر بامتحانات واختبارات يعجز عنها أطباء كثيرون ممن تعلموا في أوروبا؟!. فتساءلت في نفسي عن هذا النموذج السطحي, كيف لطبيب لا يتحدث العبرية كما يجب على الطبيب ان يتحدثها وحتى الأمور الأساسية منها؟!. تركت هذه الإسئلة حتى أشفى فليس يهمني هذا الطبيب. عندما حاول الكتابة على الحاسوب لم يعمل فطلب مني اغلاق الهاتف الخليوي, ففعلت, ثم كتب لي ذلك الأحمق لائحة الأدوية. أخذت الورقة واشتريت الدواء وبدأت في استعماله.

انقضت تسع أيام من العشرة التي كتبت في وصفة الدواء, وحالتي تزداد سوءا رغم أني التزم التزاما تاما في تناول الدواء والمواظبة عليه لكن دون فائدة. حاولت قراءة ارشادات الإستعمال علها تفيدني بشيء, لكنها مثل عدمها. حاولت التفكير من منظور طبيب, فوجدت أن أفضل حل هو العودة اليه وطلب دواء اخر. لكني في الطريق اليه فكرت بجدية بما أمر به من حالة مضطربة فقررت أن أتنازل عن العلاج كله وأن أركز على ضربه بكل قوتي. وأقسمت أني لفاعلها, لكنه كان قد نقل الى القدس قبل ذلك بثلاثة أيام فقط وذلك للشكاوى التي قدمت ضده من كثيرين. فمن كان عدو من؟!.