من منا لا يحلم بزيارة الى الولايات المتحدة الأمريكية لشتى الأسباب, وخصوصا اذا كانت هذه الزيارة ستطول ثلاثة أسابيع. من منا لا يطمح في هذا كله ومجانا, وخصوصا اذا كان هدف هذه الزيارة هو تمثيل المسلمين في حلقات حوار مع أناس من شتى انحاء الولايات المتحدة في برنامج يسمى وجها لوجه, هدفه يشبه اهداف المنظمات التي تطلق على أهدافها, حوار الأديان.
كانت الفرصة قريبة جدا مني, لدرجة أني خططت لتأجيل امتحان الكيمياء, حيث ان الامتحان كان من المقرر تقديمه خلال الفنرة التي تكون فيها الرحلة. كانت هذه هي المرة الثانية التي أحاول فيها أن انضم الى البعثة, المرة الأولى كانت تتالف من أشخاص لديهم أناس قريبون في المجلس المحلي, وكنت قد فشلت في تجنيد أحد لمصلحتي, اما المرة الثانية فقد استطعت التحدث الى شخص ساعدني كثيرا ولولا خطأ صدر عني في مقابلة المنظمة لكنت في الولايات المتحدة.
بعد ان تحدثت من الشخص المسئول, وافق على منحي الفرصة بشرط أن انجح في اللقاء, وهو الأمر الذي لم يكن في السابق حيث كانت البعثة تسافر دون لقاء ولا يحزنون. بعد ان حدد موعد اللقاء ذهبت لأجد امرأتان احداهما يهودية, سمينة, متفهمة, والأخرى على ما بدو انها مسيحية, والتي كانت سببا في عدم قبولي حيث انها طرحت علي أسئلة أودت بي الى أن أكثر من الكلام الذي لا يحبون سماعه ذاك الكلام الذي أحب أن أتحدث فيه.
سئلت عن اللغة التي أفضل التحدث فيها فقلت لا فرق بين العربية والعبرية والانجليزية عندي, على أساس أن يفهموا أني أتقن اللغات التي أتحدثها. وبدأت اتحدث بالعبرية على أساس أن تفهم حنان المسيحية أيضا. كان مشروع الرحلة يدور حول شباب يلتقون في مخيم أمريكي وتدور حوارات حول الدين, والصراع العربي الاسرائيلي. سئلت اذا كان شخص عنيد لا يقتنع بسهولة ما هي الطرق الأمثل لاقناعه بوجهة نظري, وبطريقة جعله يصغي الى آرائي والاقتناع بحسن ديني الخ.
كان هناك سؤال واحد هو الذي أذكره وأذكر أنه وضع النقاط على الحروف حينها. سئلتني اليهودية عن سبب تمسكي بديني على أساس اني ساذهب لأمثل ديني, فقلت ببساطة ان ديني يوفر لكل سؤال جواب وهو ما لا يوفره أي دين اخر. بعد ان فسرت لها معنى ذلك طرحت على سؤالا فرعيا لا اذكره ولكنه يتعلق بالسؤال الأول عن علاقتي بالدين, حينها فكرت واستخدمت الحملات الصليبية في الاجابة على السؤال, عندما قلت ان الاسلام لم يستعمل السيف لكي يقتل او يجبر الاخرين على اعتناق الاسلام ولكن الفتوحات الاسلامية كانت بهدف نشر الدين لمن اقتنع به, اما الحملات الصليبية فقد استغلت الكنيسة والدين وغزت الشرق بالسيف والعنف من اجل الاحتلال والسيطرة.
عندها علمت أن هذا الكلام لم ولن يعجي حنان, وأنا لا ألومها بل ألوم المسئولين على المشروع كله, كيف ينسق مشروع كهذا دون تمثيل شخص مسلم يكون ضمن اللجنة المقررة لمن سيسافر. بعد أيام اتصلوا بي وقالوا اني لم أنجح في اللقاء. اكتملت الصورة وعرفت أن الحملات الصليبية ما زالت تستجد قوتها, كنت على شفا أمريكا, أما من قبل للرحلة فكل من يعرفه يعرف أنه من أكثر الناس كرها للدين ومن أكثر الناس من يفخر بأنه لا يصوم ولا يصلي وقد أختير ليمثل المسلمين.
No comments:
Post a Comment