ايريز شخص اسرائيلي من الطراز الأول, ويكاد يكون نموذجا حيا للمواطن الاسرائيلي بتفاعلاته وسلوكه وتصرفاته, فهو يهودي من القدس, خدم في الجيش, وجاء ليتعلم في الجامعة العبرية عاما قبل ان يبدأ دراساته العليا في الكلية التي اختارها لاحقا. ايريز كأي اسرائيل عادي, يعمم بين الارهاب الدولي والاسلام, ولا يفرق بين الجماعات المتخلفة كتنظيم بن لادن وغيره التي تدعوا نفسها اسلامية, والاسلام منها براء. ولعل هذا التعميم جاء اثر تكدس الاعمال الارهابية التي راح ضحيتها الكثير من الابرياء, ولكن على أي حال فان ايريز ما هو الا شخص يعتبر تلك الجماعات, جماعات ارهابية.
كان لي مع ايريز حديث ذات يوم عن الجماعات التي تدعي الاسلام منهجا لها, حيث اني وضحت له ان تلك الجماعات لا تمثل سوى من فيها من اشخاص, وبالطبع ليست كل تلك الجماعات مثل بعضها, فهنالك جماعات منظمة تسير وفق مصالح المسلمين وحرياتهم, وهناك جماعات تسير وفق مصالح شخصية واهداف مشبوهة, وفي النهاية فان كل العالم يتقنع بأقنعة لا تعد ولا تحصى. اما ايريز فقد قال لي ذات مرة اني شخص طيب وانه يفضل الحديث معي واني باختصار شخص جيد, لم يكن ردي كالمعتاد, فبعد ان شكرته على المديح, بدأت معه نقاش حول الأقنعة, وان كل الحقيقة دائما صعبة.
هناك مثل بالعبرية يقول انه ليس كل شيء يلمع فهو ذهب. هذا المثل الشعبي المتداول كثيرا بين الشعب الاسرائيلي, خير مثال على نظريتي للأقنعة التي تحدثت مع ايريز عنها. ايريز وصفني بأني شخص جيد ولكني وعلى الرغم من هذه الحقيقة, اخبرته ان كل العالم أقنعة فبات يقتنع بتلك الفكرة, وأذكر ذات مرة انه دعاني شخص الأقنعة. ولكن في الحقيقة ان كل شيء قاله عني ما هو الا حقيقة في حقيقة, فأنا شخص جيد وطيب على حد قوله.
تجربة الأقنعة الحقيقية شهدتها عندما كنت في احدى الامتحانات والتي كان ايريز معي في ذات القاعة, كان امتحان رياضيات. المعلمة والتي قدمت من روسيا, كانت تؤلف اسئلة صعبة جدا في الرياضايت, وبغض النظر عن اذا كنت احل تلك الاسئلة ام لا, الا ان ذاك الامتحان كان يجمع ما بين النظرية والتطبيق. وصدق من قال ان النظرية شيء والتطبيق شيء اخر. كان الامتحان مليئا بالجذور, تلك الجذور التي لا يحبها احد, ولا يطيقها أحد.
ايريز شخص بالغ, في العشرينيات من عمره, انهى الجيش ولديه طموحات عديدة في الخوض في السياسة الاسرائيلية, لديه جسم رياضي وصديقة. كنت قد دخلت الى القاعة وجلست انتظر ان احصل على ورقة الامتحان, بعد ربع ساعة, وبعد ان إطلع الجميع على أسئلة الامتحان, اصابنا نوع من الخوف من عدم النجاح فيه. لاحقا حصلت على اعلى من تسعين ولكن في الامتحان رأيت كيف ان نظرية الأقنعة تنطبق في ذاك الامتحان ولكن بالعكس, فرأيت بعض البنات وليسوا كلهن يبكين بسبب الجذور, ولكن الغريب اني رايت ايريز يبكي وبشدة, اعدت النظر جيدا ولم اصدق نفسي, ولكن ادركت ان النظرية شيء والتطبيق شيئ اخر.
No comments:
Post a Comment