Jul 1, 2007

فلسفة البسيخومتري


لمن لا يعرف البسيخومتري, فهو إمتحان قبول الجامعات, ويسمى بالعربية "السيكومتري" إلا أن إسمه المتداول هو البسيخومتري وهي الكلمة العبرية للإمتحان ذاته. السيكومتري عبارة عن إمتحان ينقسم الى ثمانية أقسام تندمج فيها ثلاثة أنواع من الفصول, الفصل الكمي, والذي يحتوي على مسائل في الرياضيات والهندسة والجبر ومسائل كلامية في الرياضيات. وهناك الفصل الإنجليزي, والذي يحتوي على اسئلة تحليل نصي, وإعادة صياغة, وإكمال الجمل. أما الفصل المتبقي فهو الفصل الكلامي, والذي يحتوي على أسئلة في المنطق, والتحليل النصي, والقواعد ومسائل كلامية معقدة.

البسيخومتري يختلف بين النسخة العربية وبين النسخ الأخرى كالعبرية والإنجليزية والروسية والفرنسية أيضا, وجوهر الإختلاف هو الفصل الكلامي. أما بالنسبة للفصل الكمي والإنجليزي فلا فرق تقريبا, فالمشكلة في الفصل الكلامي أن اللغة العربية لغة صعبة جدا, وخصوصا عندما يقف الممتحن أمام كم هائل من المعاني والتعابير التي عليه أن يتقنها, وهنا تأتي وظيفة الثروة اللغوية. في الإمتحانات التي تقدم بلغات غير العربية, نجد أن الممتحنين لا يجدون صعوبة في القسم الكلامي, بالمقارنة مع من يقدم الإمتحان باللغة العربية, وكثيرون من غير العرب أخبروني أن اللغة العربية هي كجدار يصعب تسلقه خصوصا في البسيخومتري.

المشكلة في الإمتحان لا تكمن في نوع الأسئلة فحسب, بل الهدف من الإمتحان هو ضغط الطالب في وقت معين وفحص قدرته على تحمل الضغط وحل الأسئلة في وقت معين. ينقسم الإمتحان الى ثمانية أقسام, ومن الصعب الجزم كم فصلا كلاميا سيكون وكم فصلا كميا سيكون وكم فصلا إنجليزيا سيكون. وبالرغم من كونه ثمانية فصول إلا أن فصلان منهم لا يحتسبان, ويعدان من أجل الإحصاءات وغيرها من الأمور المشابه. وكل فصل مقدر بوقت معين وهو خمس وعشرون دقيقة, أي أن الإمتحان كله مئتان دقيقة, لا إستراحة فيه ولا إستفسار. لكل سؤال أربعة إجابات بالطريقة الأمريكية, ومن لم يعرف الإجابة على سؤال ما يمكنه تخمين الإجابة وأحيانا تكون هذه الطريقة ذو فائدة.

من حسنات البسيخومتري, أن الطالب يمكنه الرجوع الى الإمتحان كل ستة شهور, رغم أن الإمتحان يقام كل ثلاثة شهور تقريبا, إلا أن القوانين تنص على هذا الفارق الزمني المقدر بستة شهور. ومن حسناته أيضا أن الأسئلة يتم فحصها عن طريق الليزر, وليس عن طريق العنصر البشري, حيث أن الممتحن عليه ان يلتزم بإحضار قلم رصاص من نوع معين, وذلك لكي يقرأ الليزر لون القلم. من السيئات التي نراها في البسيخومتري, مكان الإمتحان وظروف الغرفة, فكثيرون من الطلاب يجرون تدريباتهم وإستعداداتهم على طاولة, لكنهم يفاجئون عندما يجدون أنفسهم في قاعة كلها كراس ذو "طويلة" صغيرة ملصقة بالكرسي, فيحتارون ماذا يضعون عليها, الأقلام أم الطعام أم الإمتحان.

المراقبة شديدة وصارمة, والمستحيل يندرج في أولويات كل طالب يفكر في الغش, فلا مجال للغش, لأن كل طالب يحصل على نموذج مختلف عن ذاك الذي بجانبه. والمراقبون لا يتحدثون أبدا, وكل سؤال يوجه إليهم يردون بأن المركز القطري للإمتحانات مستعد لتقبل أي سؤال لكن بعد الإمتحان. أي أن تلك التساؤلات والتشويشات والأمور التي تجول ببال الطالب لا مكان لها في البسيخومتري. بعد الإمتحان ممنوع ان نأخذ دفتر الأسئلة, وبالمناسبة فهذا أمر ممنوع, ومن يمسك وهو متلبس في نقل أسئلة أو حتى تمزيق ورقة من دفتر الإمتحان فيتم شطبه من المركز القطري, ويتم تغريمه ماليا والأكثر من ذلك يتم حرمانه من التعليم العالي في كل الجامعات ولسنوات, فلا مجال للمراهنة. لكن مع كل هذه التشديدات فإن هنالك من يسعون للدخول للإمتحان فقط من أجل الحصول على الأسئلة وهم نوعية معينة, ليسوا بطلاب وإنما بمرشدي بسيخومتري, لكنهم يتبعون طريقة مميزة, وهي الدخول بعدد الفصول. أي أنهم يدخلون ثمانية مرشدين للإمتحان وكل واحد مسئول عن فصل معين, وكل ما يفعلونه هو دراسة الأسئلة وحفظها عن ظهر قلب. ولا حاجة ليحلوا بشكل طبيعي فهم يمتلكون أعلى العلامات.

تقاس علامات البسيخومتري حسب كل فصل من الأنواع الثلاثة الكمي والكلامي والإنجليزي, ويتم حسبان العلامة من 200 الى 800 فمن لم يحل شيئا فإنه بشكل تلقائي يحصل على 200, ومن يحصل على 700 فما فوق, فإنه وبلا شك قد بذل جهدا جبارا للحصول على مثل هذه العلامة. البسيخومتري سباق ومراثون, ويحتاج كما هائلا من الجهد والصبر لكي يتم بصورة جيدة. هنالك الدورات المختصة, والتي توزع الكتب, وطرق الحل لكن المهمة الكبيرة تبقى في عنق الممتحن نفسه.

2 comments:

مُمرض بكل معنى الالم .. said...

اُهنك اخي الكريم على هذه المواضيع التي تفيد الطلبة , وادعوك الى زيارة مدونتي لاننا نتشارك في بعض الاشياء
عمر ابو رقيق- جامعة بن غوريون
http://aborqeq.blogspot.com/

مُمرض بكل معنى الالم .. said...

اُهنك اخي الكريم على هذه المواضيع التي تفيد الطلبة , وادعوك الى زيارة مدونتي لاننا نتشارك في بعض الاشياء
عمر ابو رقيق- جامعة بن غوريون
http://aborqeq.blogspot.com/