هذه المرة هي أطول فترة إضرابات للتعليم العالي في تاريخ وزارة التربية, والعمود الفقري فيها والعقل المدبر ليس الطلبة وحدهم, بل العنصر الرئيسي والأقوى, هو المحاضرون أنفسهم. هذه الأخبار كلها, كنت أشعر بها في الصيف الماضي حيث قرأت ذات يوم مقالة عن حقوق المحاضرين المهمشة في الجامعات, وعرفت أن شيئا سيتحرك قريبا وأن الأمور ستصبح في الحضيض, وها هي حقا باتت في الحضيض, وفي القرن الواحد والعشرين.
قام المحاضرون بعمل هذه الخطوة, ليحصلوا على حقوق يدعون بأنها مسلوبة منهم, وهي بالإجمال زيادة في المعاشات, ورفع للأجور والمكافآت وغيرها من الأمور المادية التي تكون لائحة طويلة من المطالب في كل إضراب يكون لكن هذه المرة الأمر مختلف. فالإضراب لم يقتصر على الجامعات والمحاضرين, بل أيضا على طلاب المدارس, وهم الفئة التي ستخسر كثيرا هذا العام. المدارس كما نعلم مكونة من صفوف, وكل صف من الناحية التعليمية, مبني على الصف الذي سبقه, فتخيلوا ذلك البنيان التعليمي وتلك الفجوة التي ستؤثر بشكل كبير على العام المقبل للطلاب.
الطلاب في الجامعات سيلاقون الصعوبات الكثيرة, خصوصا عند عودتهم للتعليم, حيث سيحصرون في وقت قياسي ويضغطون في التعليم بشكل كبير. إنها جشع الحكومة في توفير الأموال لوزارة الدفاع, وللمستوطنات, انه الثمن الذي ندفعه كلنا, انه سهر الطلاب وتعب المحاضرين, وكفاح من لا يعلم من أين سيجمع أجر التعليم. إنها فوضى السياسة العمياء, إنها ليست مجرد إضرابات, بل هي أشبه بإضطرابات, وسياسة حمقاء تبني غرفة في مستوطنة وتهدم صفا من طلاب بلا معلمين.