الثقة بالنفس, الإيمان بالذات, ودحض المستحيل. تلك هي أسس النجاح, أو على الأقل هي المسلك الآمن للوصول الى الهدف. في الفترة الماضية, كان لي الشرف في التعرف على الأستاذ الكبير طالب طلال ادكيدك, والذي قام بتمرير دورة تدريبية تحت عنوان "مهارات أكاديمية" وهي دورة تدريبية يقوم أستاذ طالب بتعليمها لطلاب الجامعات على وجه الخصوص. وهي إحدى دوراته العديدة وأبسطها.
هدف الدورة هو أن نستغل طاقاتنا الكامنة, وأن نجد طريقنا الخاصة في الوصول الى أعلى التحصيل العلمي. كانت الدورة في اللغة العربية الأمر الذي شجعني أكثر على الخوض فيها, وهي بمبادرة من مكتب عميد الطلبة وحدة دعم الطلاب العرب, الاخ ليث جيوسي, والذي دائما يسعدني بأعماله ومثابراته الهادفة والتي تصب في مصلحة الطالب العربي خصوصا وسط أمواج التعليم العنيفة في الجامعة العبرية. الدورة إستمرت وللأسف على مدى تسع لقاءات فقط, كنت أتمنى أن تكون أكثر من ذلك.
بمناسبة الحديث عن أستاذ الدورة, لا بد أن أذكر مدى إعجابي بسيرته الذاتية المثقلة بالإنجازات والتحصيل العلمي العالي. ما شد إنتباهي هو تحديه للغة العبرية, حيث انها كانت لغته الثالثة, على عكسي فهي لغتي الثانية, حدثنا أنه كان يذهب الى المحكمة المركزية بالقدس ليستمع الى إلقاءات المحاميين, بهدف تسيير آذانه للغة الجديدة. كانت هذه إحدى طرقه في تعلم العبرية بالإضافة الى عدة طرق أخرى, تدل على وعي الشخص, وعلى ثقته بنفسه, وعلى مدى الطموح الذي يحمله في ذاته. هو حاصل على ماجستير في هندسة البرامج, بكالوريوس هندسة حاسوب, دبلوم في علم النفس التسويقي ودبلوم في التصوير الفوتوغرافي, دبلوم تربية, دبلوم عالي في أنظمة التعليم المتسارع, كما أنه حاصل على درجة مسعف من نجمة داوود الحمراء. ليس هذا فحسب بل إنه أكثر من ذلك فهو مؤسس مركز إشراقة للتدريب ومهارات التفوق وأكثر.
تمت الدورة في الجامعة العبرية جبل المشارف, كنا نلتقي أيام الأحد مساءا, وكنت أضطر للإنتظار ساعة وربع حتى يحين موعد الحافلة الأقرب بعد الإنتهاء من اللقاء, لكني كنت سعيدا بذلك, خصوصا عندما أخرج مفعما بالطموح, محملا بمهام كنت أجهل كيف أرسم خطاها لنفسي. وكنت سعيدا أكثر عندما أبدا يوم الأحد الساعة الثامنة صباحا غير مبال لعشر ساعات تفصل بين بداية نهاري وبداية اللقاء, كنت منهكا جسديا لكن هدفي ورغبتي في تواجدي في اللقاء كانا أكبر من أي انهماك. تتسارع الساعة ويتسابق معها الزمن ليشكلوا مؤامرة نتيجتها أن تنتهي الدورة بسرعة ودون أن نشعر بها. لكن هكذا كان لها أن تكون.
هدف الدورة يتلخص في عدة نقاط, تعزيز الثقة بالنفس, قوة الذاكرة, القدرة على ربط المعلومات, التغلب على الخوف من الامتحانات, تحويل تجارب الماضي الغير ناجحة الى أدوات ودروس, تعزيز مهارات الاتصال مع المحاضرين ومع الأسرة, تطوير آليات لحل المشاكل والتحديات, توزيع الوقت في الدراسة, تطوير أساليب أرشفة المعلومات في الدماغ ومراجعتها, القراءة السريعة, تحديد الأهداف والعمل عليها, التخطيط الفعال والمرونة في التنفيذ, وضع رسالة للحياة, وتعلم عادات الطلاب المتميزين. كانت هذه نقاط الدورة الرئيسية, لكن في العمق تعلمنا أكثر من ذلك.
تعلمت في هذه الدورة, وببساطة تامة أن أكون أنا, كما أردت, لكني كنت أجهل كيف أصل الى هذا الأنا, كنت أظن أن السعي بجانب الحائط سيمكنني من التغلب على خوفي من التقدم الأكاديمي, لكني سرعان ما كنت أجد نفسي أمام ذلك الحائط, في هذه الدورة تعلمت كيف أتسلق هذا الحائط بدلا من التحديق فيه. تعلمت كيف أكون شخصا جديدا, كيف أحب لنفسي قبل أن أحب ما يريد الآخرون لي أن أكون, تعلمت أن الحياة الاكاديمية ليست سهلة كما تصورها المسلسلات الرمضانية, لكنها ليست مستحيلة أيضا, تعلمت أني حين أريد شيئا فلابد أن يطاوعني العالم كله للحصول عليه, بشرط أن أطاوع نفسي أولا. ستبدو للوهلة الأولى أنها نظريات على ورق, لكنها ليست كذلك بعد أن كنا نتمرن ونتأكد بأن هدف الدورة تم على أكمل وجه.
شكرا لك طالب على كل لحظة أسعدتنا, وزدت من معرفتنا بأنفسنا, شكرا لك على منحنا هذه الفرصة لنغوص في أعماق طموحاتنا وقدراتنا المختبئة خلف أسوار الخوف. شكرا لك على منحنا القدرة لنعرف قدرة أنفسنا على التفوق والتقدم, تذكر أن من علمني حرفا كنت له عبدا. شكرا لليث جيوسي على هذه المشاريع الرائعة, شكرا لكم.
Jan 22, 2010
كيف تصنع من نفسك ناجحا
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment