في السنة التحضيرية في الجامعة العبرية, تعرفت على شباب من شتى قرى ومدن الخط الاخضر. من بينهم كان عروة, شاب من باقة الغربية, طيب مؤدب ومجتهد ولكن لديه مشكلة معي فيما يتعلق باللهجة العامية. قديما لم اكن اعلم ان هنالك فروق في اللهجة العامية بين قريتي وباقي قرى ومدن فلسطين كلها, على الاقل ولو كانت اختلافات بسيطة.
الظاهر اني لم اكن متعمقا في اختلاف اللهجات الا عندما اختلطت في من يسكن بعيدا عن ضواحي القدس. هنالك حقا امر معقد, لدرجة ان احد اللذين تعرفت اليهم وهو من سكان المثلث, قال لي ذات مرة انني بلهجتي العامية وكاني اتكلم بلغة غريبة. الاختلاف لا يكمن في الاسماء المختلفة للاشياء فقط, بل يتعدى حدودا لم اكن اعرف انها ستشكل تعقيدا لي طوال الفترة التي عرفت فيها عروة.
كنت اتحدث مع عروة في امور كثيرة, وكان الحديث بالنسبة لي كالمعادلة الرياضية. فمقابل كل عشر كلمات انطق بها كان عروة يستخرج اثنى عشر كلمة خاطئة من كلماتي العشرة, وهكذا. ذات يوم احضرت احد اقريائي الى غرفة عروة وشريكه مؤنس في السكن الجامعي, وقد اعد لنا عروة الشاي, وبينما هو يرفع الابريق عن النار سالنا اذا كنا نريد ان يضع لنا في الشاي نوعا من العشب حتى الان اجهل اسمه, ثارت شكوك قريبي لكن سرعان ما قلت له ان هذه عشبة "مرمية" في لهجتنا. هكذا شكل اختلاف اللهجة سوء فهم بين العشبة التي اطلق عليها اسم مختلف عن الذي ندعوها به.
عروة كان مصححي اللغوي طيلة السنة التحضيرية, وكان بمثابة قاموس علي ان ارجع له في كل كلمة اشك بها. لكن عروة كان صديقا طيبا حتى ولو انه كان احدى اسباب تغير لهجتي الأصلية.
1 comment:
والله عروه شب محترم بالصدفه جاري وكل يوم بشوفه
Post a Comment