سليم, شاب يعمل في صيانة الكهرباء, لم أكن أعلم أنه مسيحي حتى أول يوم من شهر رمضان. جاء الى العمل وشيء فضي يلمع على صدره, أمعنت النظر وإذا بي أرى صليبا على صدره. لعله شعر أنه يجب أن يوضح لنا وبشكل غير مباشر السبب في شربه للماء لاحقا ونحن الآخرون صيام. وقد نجح في لفت إنتباهنا, فقد وصلت الفكرة وعرفنا أنه لا يجوز لنا لومه إن رأيناه يشرب الماء في هذا الحر, أو يدخن أو حتى يرتشف القهوة, لأنه ليس مسلما.
في الحقيقة لم يكن وحيدا, فقد كان من ضمن مجموعتنا "المسلمين" ثلاثة لم يصوموا, واحد لا يقوى على الصوم, وانا لا أصدقه لأنه يعمل كالحمار, والثاني والثالث أعذرهما لأنهما في أيام الإفطار يبدوان كالمومياء, ورغم ذلك كله فلا مبرر لعدم الصيام. الرجل الذي لا يقوى على الصيام إختارني لأكون مساعده في العمل, وقد بدأنا نعمل في الفجر, حيث أن العمل في رمضان يبدأ من الفجر وحتى صلاة الظهر. وكنا نتحدث كثيرا بسبب الحر الشديد القاتل.
من خلال تفقده للوضع, أحس سليم نوعا من الراحة مع الذين لا يصومون, حيث كانوا يتشاركون معه بالقهوة, والماء وغير من الطعام والشراب, وظن أن الجميع لا يصومون, أو على الأقل يتظاهرون بالصوم أمامه. أنا لا ألوم سليم, ففكرته عن الصائمين كان قد أخذها من الرجل الذي لا يقوى على الصوم, وهو شخص مفسد ونمام.
بينما أقف على الأرضية وذاك الرجل الذي لا يقوى على الصيام يقف على الطابق الثاني, فقد جاء سليم يبحث عن قنينة الماء المثلجة, في ذلك اليوم الحار. وكانت بجانب ذلك الرجل الذي في الطابق الثاني, فقال له ها هي وشرب منها بعد أن سمح له سليم, وقال لماذا نقصت هكذا يبدو أن محمد قد شرب منها, إلتفت إلي سليم, وهو يهز برأسه ويضحك, وأنا أرد على ذلك الرجل الذي لا يقوى على الصيام وأقول له بأني صائم. فجأة إختفت البسمة عن وجه سليم, وسألني في حيرة من أمره, محمد .. هل أنت صائم؟!.
No comments:
Post a Comment