إنها من اللحظات النادرة التي أضطر لأن أكون شريرا فيها, وإن كان الشر في تلك اللحظات يعتبر عمل خير. لكني لم أستطع إلا أن اكون شريرا, بسبب المواقف المخزية التي حصلت أمامي ذلك اليوم. إنه الأول من رمضان لهذا العام, في العمل, الساعة العشارة صباحا قارب يوم العمل على الإنتهاء, فما بقي منه سوى القليل.
قبل رمضان, وفي أيام الإفطار, كنا نشرب القهوة طوال الوقت وكلما سنحت لنا الفرصة, وكان لدينا صندوق مشروبات غازية فارغ كنا نحتفظ فيه بكل معدات القهوة, كالسكر والمعالق والقهوة وحتى الشاي والنعناع. كان هذا الصندوق بمثابة المطبخ الصغير بالنسبة لنا, حيث كنا نلجأ اليه كلما اردنا أن نشرب القهوة, حتى أننا كنا نوزع القهوة على من هم ليسوا معنا. كنا نحافظ عليه بأمانة الى أن بدأ أول يوم من رمضان. حيث فقدت الصبر وأصبحت أخطط لأمر شرير أفعله بأولائك الذين لم يحترموا مشاعر الصائمين.
رأيت حثالة وحقارة من أناس لا يحترمون مشاعر الصائمين, وكنت لا أنشغل في التفكير بهم من المنطلق الذي يقول: ليس على المجنون حرج. ولكني هذه المرة لم أفكر بهذه الطريقة, فالذي امامي ليس مجرد حثالة, فالحثالة كلها تضيع في ثنايا اوصافه القبيحة. ذلك الشخص وإن عريته بالكلام القبيح فإني لا أستغيبه بل إني أقدم للبشرية تعريفا جديدا لحثالة من نوع آخر. فهو ومن معه ممن لم يحترم الصائمين, قررت أن أعذبهم هذا الشهر, لأنهم ببساطة حثالة ويستحقون ذلك.
فعلوا ما فعلوا, لكني فعلت ما أثار غضبهم. كانوا لا يبالون بمشاعر من صام فقمت بالتقدم خطوة. ذهبت الى إبريق الماء الذي يغلي و"بالخطأ" أوقعته وتأسفت عليه, ففرغ نصفه وبدلا من إعادته, أفرغت النصف الثاني. بعدها ذهبت الى صندوق القهوة ووقفت عليه وكأني أرقص عليه, حتى أصبح مجرد ورق وبقايا قهوة, وقمت بتخريب كل شيء خطر لي أن أخربه كي أعكر صفو مزاجهم, ومن خطوة لأخرى يساعدني فيها من إنضم لي, يزداد الصراخ ضدي وتزداد الكراهية لكن المصيبة أني كنت أمثل دور الأبله الذي يوقع الأشياء ويدوس عليها دون قصد, وكان قصدي واضحا وهو أن أعذب المفطرين. وأن أنتقم لنفسي من شخص لم يحترم صومي, وصوم غيري من الصائمين.
No comments:
Post a Comment