لطالما حلم كل طفل بأن يكون كذلك البطل الذي يقدم على أفعال شجاعة في الرسوم المتحركة. ذلك الشعور بالقوة الخارقة, والقدرة على الطيران والقدرة على تحقيق المستحيل, حتى ولو إقتضى الأمر لأن نضرب قانون الجاذبية عرض الحائط. هذه الأحلام الصغيرة لا بد وأن كل شخص قد مر بها في مرحلة ما من طفولته, وأعني هنا أولائك الذين ترعرعوا في زمن التلفاز, فالأجيال السابقة لم تحلم بتلك الأحلام لعدم وجود رسوم متحركة, وكل ما كان يرونه هو الواقع. هذا الشيء الذي يجذب الأطفال, يقف وراءه علماء نفس ولا يقتصر الأمر على رسام وأصوات فقط, بل إن الرسوم المتحركة لغة بحد ذاتها لها حسناتها ولها سيئاتها, ولها أحلامها أيضا.
عندما كنت صغيرا كنت أظن أني أستطيع الطيران كما يفعل سوبرمان, وحتى ظننت أني أستطيع التسلق على الحائط كما يفعل الرجل العنكبوت "سبايدرمان", وظننت ان ما ينقصني هي تلك البزة التي يرتديها, ولكني عندما حصلت على واحدة وجدت نفسي أقف دون إختلاف سوا أني جعلت من شخصية الرجل العنكبوت أمرا مضحكا لآن الرجل العنكبوت ليس سمينا كما كنت أنا أبدو في تلك البزة. والأمر لا يقف عند الرجل العنكبوت, فهنالك شخصيات كثيرة, كأبطال "الرينجرز" والذين كانوا يحتلون مساحة كبيرة من إهتمامي في مرحلة ما. لكن هذه الأفكار تتلاشي مع مراحل النضوج, وهو أمر بديهي, فالأفكار تتغير بمحاذات التغيير الفسيولوجي للجسم والنضوج العقلي أيضا.
قبل أسابيع كنت أساعد احدا في توظيب أثاث يريد نقله الى أصحابه, حيث كان هذا الأثاث قد مكث مدة وحان وقت نقله. وبينما أنا منهمك في العمل, رآني ولد هو إبن خالي, يسألني عن الذي أفعله. كنت سابقا قد أخبرته بسلسة من الأكاذيب بأني ذلك الرجل العنكبوت الذي يراه في التلفاز, وعندما سألني عن جسم سبايدر مان النحيف, فقد غيرت كذبتي لأقول أني ألبس قناعا يخفض الوزن. وعندما عاد الي يقول انه ناداني عندما شاهد الحلقة الأخيرة ولم أرد عليه فأقنعته بأن ذلك يتم تصويره في وقت سابق, وأخبرته عن المونتاج وغيرها من تلك الأمور, والمصيبة أن الذي نتحدث عنه رسوم متحركة وليس صورة طبيعية.
عندما سألني عن الأثاث, كذبت عليه وقلت أني أوظب أثاثي لأنقله الى موقع التصوير القادم والذي سأصور فيه الجزء القادم من "الرجل العنكبوت". وقد وعدته بأن آخذه الى موقع التصوير إن إستطعت أن أقنع المخرج ومدير الإنتاج بأن أصطحب أحدا الى موقع التصوير, وهكذا أصبحت في نظره سبايدر مان لكنه ما زال يصدق أن قصة التمثيل حقيقة, ورغم تلك الأكاذيب البيضاء إلا أني أجد فيها طمأنينة وشعورا جميلا لطالما أحببت أن يكون حقيقة, وأن أكون الرجل العنكبوت ليس في الأحلام فقط.
No comments:
Post a Comment